انطلقت الحلقة العاشرة من برنامج "كن صحفيًا" الذي يقدمانه الإعلامي يزبك وهبي والطالبة الجامعية بيرلا إبراهيم.
في بداية الحلقة، سألت بيرلا، يزبك، ما هي ظروف تحضير التحقيقات الطويلة أو الوثائقيات الميدانية؟ ردَّ قائلًا: "أحيانًا من خلال عمله الميداني، يعثر الصحافي أو المراسل على موضوع مهم يعتقد أنّه يستحق أكثر من مجرد تقرير أو تحقيق قصير، على اعتبار أنَّ فيه العديد من الجوانب ومضموناً دسماً، ومن المفيد القول ان الوثائقيات المصنوعة على نطاق صغير ومن دون موازنة مرتفعة، والتي تتسم بحميمية وطابع بسيط وخاص، يكون لديها فرصة أكبر لتعلق في ذهن المشاهدين، طالما أنَّها تحكي قصة مهمة ومكتملة الأركان".
وعن كيفية تأكّد المراسل أو الصحافي أنَّ الموضوع الذي يفكر فيه، يصلح للتقديم بصيغة طويلة وبالتالي يقترح تحويله إلى وثائقي؟ قال يزبك وهبي: "الموضوع الجيد للوثائقي هو كلمة السر للنجاح أي يمكن أن يكون الموضوع على علاقة بالمشاكل الاجتماعية المثيرة للجدل، قد يكون الموضوع حول أحداث الماضي التي ما زالت قادرة على إثارة دفعة من المشاعر القوية. ومن الوثائقيات كذلك ما يهتم بأن يحكي قصة بعض الأفراد أو الأحداث من أجل الخروج باستنتاج ما حول قضايا حياتية أكبر.
وأضاف قائلًا: "فكرة سيئة جدًا أن نصنع وثائقيًا حول حياة البشر اليومية العادية في مدينة صغيرة مجهولة، إلّا إذا كنا واثقًين من قدرتنا على جعل الأشياء العادية في حياة هؤلاء الأفراد مادة لصناعة محتوى مثير للانتباه والاهتمام ذو معنى أعمق وأكبر. على سبيل المثال، يمكن أن نقوم بتصوير الحياة اليومية للأفراد في هذه المدينة الصغيرة، بعد جريمة قتل مروعة حدثت هناك، محاولين أن نُظهر كيف تأثر سكان البلدة بتلك الجريمة".
وتوجّهت بيرلا إبراهيم، لـ يزبك وهبي بالسؤال، ما هي مراحل إنجاز الوثائقيات الميدانية؟ ردَّ قائلًا: "بعد أن يأخذ المراسل موافقة المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها ولصالح، يبدأ بمراحل إنجاز الوثاقي، وهي كالتالي:
١- مرحلة بناء السيناريو المسبق: التحقيق والبحث.
٢ - وضع قائمة للخطوط العريضة في العمل: البحث عن المعلومة والمادة المصوّرة – كيفية معالجة المعلومات – تحديد الشخصيات المرجعية للمعلومة وللمقابلات.
٣ - مرحلة التخطيط: شكل العمل – التجهيزات – مواقع التصوير – الأشخاص.
٤ - مرحلة التنسيق: إتصالات – أذونات للتصوير- تحضيرات لوجستية.
٥ - مرحلة التنفيذ: التصوير – المقابلات – المادة الأرشيفية – الغرافيكس.
٦ - مرحلة البناء: المونتاج – تقطيع المقابلات - الموسيقى – النص.
وبالانتقال إلى مدى أهمية المقابلات في الوثائقيات وكيف يجب أن يتعاطى معد الوثائقي مع المقابلات؟ أشار وهبي، قائلًا: "المقابلات مهمة جدًا في الوثائقيات، لذلك من الضرورة على المراسل أن يتبع نقطتين أساسيتين:
- النقطة الأولى: البحث عن الشخصيات، وهنا يجب على مُعدّ الوثائقي أن يطرح جملة أسئلة، أبرزها: من هو الشخص الأكثر أهمية في القصة؟ كيف ستُعرَض القصة من خلاله؟ من هي الشخصيات الأخرى التي ستظهر في هذا الوثائقي؟ وما هي الأدوار التي يجب أن تلعبها هذه الشخصيات؟
- النقطة الثانية: إجراء المقابلة نفسها أكثر من مرة إذا أمكن، وإذا كان الوقت يسمح بذلك، حرصًا على سرد ما لدى الضيف بأفضل أسلوب ممكن، وفي صيغة يفهمها جميع المتابعين، فالمراسل لا يصنع وثائقيًا للخبراء طبعًا، بل للجمهور وعامّة الناس. وفي بعض الأحيان، من المفيد جلوس مُعد الوثائقي قبل التصوير مع هذه الشخصيات الذي سيسجل معهم مقابلات، لمعرفة من هم وما هي اهتماماتهم وحتّى لإراحتهم ولتقريبهم من الكاميرا التي لا يزال قسم كبير من الناس يرتبكون أمامها. ولكن رغم أهمية المقابلات، يجب تجنب ظهور شخصيات تتحدث أمام الكاميرا طوال الوقت خلال الوثائقي سواء كان قصير أو متوسط الطول".
وعن ما الذي يمكن أن يعطي الوثائقي ميزة تجعل المتابعين يتفاعلون معه؟ لفت يزبك وهبي، قائلًا: "هناك نصيحة مهمة في هذا المجال: تسجيل لقطات حية وواقعية من أحداث الحياة الحقيقية للناس أي إلى أين يذهبون؟ ماذا يصنعون؟ مع من يجتمعون؟ وسواها من الأمور... مع التأكيد على أن مُعد الوثائقي يجب ألّا يقوم بأي تعدٍ على قوانين ومسائل الخصوصية. ونقول له: قُم بتصوير الأحداث التي تدعم وجهة نظرك التي تقدمها من خلال الوثائقي، وتواصل مع الوكالات المتخصصة أو مع الأفراد الذين يملكون أي لقطات تاريخية للموضوع، إذا كانت هناك أحداث معينة حصلت في الماضي وهي مرتبطة بما يجري اليوم".
وتوجّهت بيرلا ابراهيم، لـ يزبك وهبي بالسؤال، هل الأفضل أن يظهر المراسل على الشاشة في الوثائقي وأن يحتوي الوثائقي على تعليق صوتي؟ أم الأفضل ألا يظهر المراسل ويترك المجال للصورة والمقابلات، من دون تعليق صوتي حتى؟ ردَّ قائلًا: "العديد من الوثائقيات تستخدم التعليق الصوتي كخيط رابط بين أجزاء العمل، حيث يقوم بالربط بين المقابلات واللقطات من الحياة الحقيقية عن طريق السرد المتماسك. المهم أن يكون التعليق الصوتي واضحًا، وموجزًا، ومفهومًا. وبشكل عام، الشريط الصوتي يتم إدراجه على اللقطات التصويرية عندما لا يكون صوتها الأصلي مهمًا".
وتابع قائلًا: "بالنسبة لظهور المراسل بالوثائقي، فالأمر يعود لموضوع الوثائقي وما إذا كان ظهور المراسل على الشاشة قادرًا أن يفيد القصة التي يرويها وان يعطي قيمة مضافة للشريط أم لا".
واستطردت بيرلا إبراهيم سائلة: "هل من محاذير على المراسل أو الصحافي التنبه لها عند تنفيذ وثائقي؟" ردّ يزبك وهبي، قائلًا: "طبعًا هناك ثلاثة:
أولًا - الوثائقي معني بعرض الحقائق بشكل غير معقد لترك الفرصة للمشاهدين من أجل تحديد أرائهم. لذلك، كن متأكدًا من عدم استغلال مساحة الوثائقي لذكر تعليقاتك الخاصّة أو تأكيد وجهة نظرك الشخصية.
ثانيًا - الوثائقي هو عملية سرد لقصة معينة، وانتبه ألّا تكون طريقة سردك لقصتك مملة، وحاول أن تعتمد التشويق قدر المستطاع لكي تستطيع جذب الناس.
ثالثًا - إذا كنت تستخدم موسيقى في الوثائقي، فتأكد من حصولك على إذن الاستخدام الخاص بهذه الموسيقى من أجل أن لا تتعرض فيما بعد لشكاوى أو دعاوى معينة".
خلال الحلقة، قام الإعلامي اللبناني يزبك وهبي بامتحان الطالبة الجامعية بيرلا ابراهيم من خلال تمارين، حيث طلب منها أن تحضّر مجموعة أسئلة مقابلة لتطرحها على شخص متزوج ولديه عائلة فقد كلّ مدخراته وبعضًا من أمواله ما زالت في المصارف وبعضها الآخر استخدمها ليعيل عائلته، واضطر كذلك لإقفال مؤسّسته، ويهاجر خارج البلد مع عائلته.
في نهاية الحلقة، استكملت بيرلا ابراهيم القسم الثاني من المسابقة التي بدأت فيها في معرض الحلقة، حيث جرى طرح أسئلة من قبل الطرفين، ففاز يزبك بثلاث أسئلة صحيحة، فيما بيرلا أجابت على سؤالان صحيحان من أصل ثلاثة.
يذكر أنَّ "كن صحافيًا" هو برنامج تعليمي تثقيفي يقدم فيه الإعلامي المحترف يزبك وهبي معلومات قيّمة بالإشتراك مع الصحافية بيرلا ابراهيم.