انطلقت الحلقة الثامنة من برنامج "كن صحفيًا" الذي يقدمانه الإعلامي يزبك وهبي والطالبة الجامعية بيرلا إبراهيم.
في بداية الحلقة، عرّف يزبك وهبي ماهيّة صحافة البيانات، قائلًا: "صحافة البيانات تعني باختصار إعداد قصص خبرية عن طريق معالجة مجموعات كبيرة من البيانات، علمًا أنًّ الأدوات المجانية المتوفرة على الإنترنت تُسهل وتُيسّر إمكانية معالجة المعلومات الرقمية وتفسيرها وعرضها".
وتابع قائلًا: "بين صحافة البيانات والصحافة الاستقصائية، هناك مساحة مشتركة إذ يتطلب كلاهما عمليات بحث مضنية، ويمكن لصحافة البيانات أن تتداخل كذلك الأمر مع عملية تصوير البيانات بصريًّا، حيث إنَّها تتطلب تعاونًا وثيقًا بين المتخصصين في المجال الرقمي من أجل إيجاد أفضل السبل لعرض البيانات".
ويكمل قائلًا: "الموضوع قد يبدو معقدًا أو شائقًا للوهلة الاولى، إنّما صحافة البيانات وُجِدت لتبقى ويجب أن نعتاد عليها".
وسألت بيرلا ابراهيم، يزبك وهبي، قائلة: "ما هي المهارات التي يحتاجها الصحافي ليكون صحافي بيانات؟"، ردّ وهبي قائلًا: "في البداية، فلنستعرض المهارات التي لا يحتاجها الصحافي، فهو ليس بحاجة إلى أن يكون عبقريًا في التكنولوجيا، أو جيّدًا في الرياضيات، أو صحافيًا متمرسًا. وفي هذا الإطار، قالت ايفا كونستانتاراس، المتخصصة في تشكيل وإعداد فرق صحافة البيانات في البلدان النامية، عن المهارات المطلوبة من صحافي البيانات: "لا تتعلق صحافة البيانات بالتكنولوجيا بل تدور حول القصص التي تشرح التجربة الإنسانية. يجب أن تكون شغوفًا بالموضوع الذي تغطيه ومن ثم يجب أن تكون قادرًا على متابعة عملية بحث مثبتة خطوة بخطوة تنقلك من الفكرة إلى التحقيق المكتمل والتحقق الذي يصل إلى جذر المشكلة. يجب أن تلتزم بالشفافية وبأعلى معايير التوثيق أثناء تطوير مهارات البيانات الخاصة بك. إذا كنت شغوفًا ودقيقًا، فلديك بالفعل ما يلزم لتصبح صحافي بيانات. الباقي هو تعلم الأدوات والعمليات لمساعدتك في العثور على قصتك وإخبارها".
وعن سؤال الطالبة بيرلا، لماذا جعلت جائحة كورونا صحافة البيانات تنتشر؟ أجاب وهبي قائلًا: "أعطت مواكبة أخبار جائحة كورونا نفَسًا جديدًا في الصحافة يتجاوز الهوس بالتساؤلات الخمس التقليدية والهرم المقلوب المعروف في عالم الصحافة، وكان الوباء فرصة برزت فيها أهميّة صحافة البيانات في إنتاج الخبر ومعالجته ونشره خصوصًا مواكبة مؤشرات تطور الوضع الوبائي، محليًا ودوليًا".
وأردف قائلًا: "كانت الجائحة عاملًا سرّع فرص التعاون بين الصحافيين والخبراء الرقميين على بلورة أخبار تعتمد على رؤية صحافية وآليات تقنية تسمح بتوفير مادة إخبارية في قوالب مشوقة وأكثر جاذبية بالصوت والصورة. وقد يكون هذا الزخم في اللجوء إلى صحافة البيانات، فرصة لتطوير إنتاج مفهوم القصة والرواية الصحافية، وكذلك تشجيع عودة الصحافيين لمقاعد التّعلم لتطوير قدراتهم الرقمية، تحت إشراف الخبراء التقنيين طبعًا، ويبدو أنَّ الجائحة لقّنت الإعلاميين دروسًا في استغلال أكوام الأرقام والمعلومات المتاحة بشكل واسع ومعالجتها باستعمال قوالب إخبارية، تعتمد على صحافة البيانات لتوصيل المعلومة المختزلة والمُبسطة للرأي العام".
وبالانتقال إلى الصحافة الاقتصادية، سألت بيرلا، يزبك: "كيف يمكن أن يصبح شخصًا معينًا صحافي اقتصادي ناجح؟" فأجاب وهبي، قائلًا: "يقول رائد الصحافة الأمريكية جوزيف بوليتزر: لا توجد مهنة في العالم يستطيع الإنسان أن يحسّن أداءَها، دون أن يُؤهَّل لها التأهيلَ الكافي أي هنا على الصحافي المتخصص أن يتلقى تكوينًا عامًا يتعلم فيه أساسيات الإعلام ومبادئه، ثم ينتقل إلى مرحلة الإعلام المتخصص، حتى يتلقى تكوينًا معمقًا في المجال الذي اختار التخصص فيه. وهذا الأمر ينطبق خاصةً على الصحافة الاقتصادية".
وعن ما إذا يجب أن يكون الصحافي الاقتصادي مجازًا بالإعلام، وليس بالاقتصاد؟ لفت يزبك وهبي: "إذا كان مجازًا بالإعلام والاقتصاد في الوقت نفسه، يكون عندها الصحافي الاقتصادي المثالي.. في الوطن العربي، تعتمد المؤسسات الصحافية بمعظمها على مزيج من صحافيين مُنحوا بعض المعارف الاقتصادية للعمل في المجال الاقتصادي، أو على اقتصاديين تم تزويدهم ببعض الأسس المهنية لممارسة الإعلام، أما عدد الصحافيين المتخصصين الذين درسوا الصحافة الاقتصادية فلا يزال قليلًا جدًا مقارنة بنظرائهم في الصحافة الغربية".
وأضاف: "إنَّ الصحافة الاقتصادية في المنطقة العربية ما زالت ناشئة وتحتاج إلى توجيه أكثر ومساحة وحريّة أكبر، وحتى تستطيع أن تقدم خدمة اقتصادية متوازنة، تضع حدودًا بين الإعلان والخبر".
وتابع: "كما أن اللّغة الصحافية المستخدمة في الصحافة الاقتصادية تشكل هي الأخرى حاجزًا كبيرًا بين الصحافي والمتلقي الذي ما زال يعتبرها لغة نخبوية لا تُترجم توقعاته على أرض الواقع، لذا يجب أن تخرج اللّغة الاقتصادية من جمودها، هكذا تلعب دورًا أساسيًا وفاعلًا في تثقيف المواطن العربي وتبليغه بكلّ المعلومات والتعاملات التي يمكن أن تفيده في حياته الإقتصادية والمعيشية".
وتوجّهت بيرلا ابراهيم، لـ يزبك وهبي بالسؤال، هل من إرشادات معينة للصحافيين لتقديم تغطية جيدة للأخبار الاقتصادية؟ ردّ قائلًا: "نعم هناك عددًا من الارشادات، وهي كثيرة وعددها ستّة:
أولًا - تجنب المصطلحات الاقتصادية المتخصصة قدر المستطاع، توخياً لوضوح المضمون.
ثانيًا - عندما لا يستطيع الصحافي التخلص من المصطلحات الاقتصادية المتخصصة، عليه أن يقوم بتعريفها للمتابعين، على اعتبار أن هذه المصطلحات تمثل شيفرة غامضة بالنسبة لمعظم الناس.
ثالثًا - التقليل من استخدام الإحصائيات. تتضمن أنباء النشاط الاقتصادي والمالي عادةً، عددًا أكثر من اللازم من الأرقام، ورغم أنَّ الأرقام مهمّة، وتزيد وزن ودقة على المضمون المقدّم للناس، فينبغي على الصحافيين الاستغناء عن الأرقام التي لا تُعتبر بالغة الأهمية لإيصال الفكرة.
ثالثًا - التقليل من استخدام الإحصائيات. تتضمن أنباء النشاط الاقتصادي والمالي عادةً، عدداً أكثر من اللازم من الأرقام، ورغم أن الأرقام الهامة تضفي وزنا ودقة على المضمون المقدم للناس، فإنه ينبغي على الصحافيين الاستغناء عن الأرقام التي لا تُعتبر بالغة الأهمية لإيصال الفكرة.
رابعًا - مقارنة الإحصائيات المستخدمة أي عندما يقرر الصحافي استخدام رقم في عمله، عليه أن يضعه في السياق المناسب من خلال مقارنته بأي شيء حتى يظهر معناه الحقيقي من خلال معرفة قيمته النسبية.
خامسًا - مقارنة الإحصائيات، قد لا تكون كافية أحيانًا، لذا على الصحافي أن يفعل أكثر من مجرد نقل للأرقام، وتحويل الموضوع الى قصّة، عليه أن يشرح دلالات الأرقام مع السعي لإضافة الطابع الإنساني عليها.
سادسًا - النظر إلى الجوانب الأخرى للموضوع أي هناك عادةً، أكثر من جانب لكلّ قصة ولو كانت اقتصادية، رغم أنه قد يبدو للصحافي أنَّ لديه كل المعلومات الضرورية، فقلما يقدم مصدر واحد للمعلومات صورة كاملة عن الوضع، ولذلك فإنَّ التشكك دائمًا مطلوب.
خلال الحلقة، قام الإعلامي اللبناني يزبك وهبي بامتحان الطالبة الجامعية بيرلا ابراهيم من خلال تمارين حول الإقتصاد والبورصة من أجل أن يعرف مدى إلمامها بالمواضيع الإقتصادية والمالية.
في نهاية الحلقة، استكملت بيرلا ابراهيم القسم الثاني من المسابقة التي بدأت فيها في معرض الحلقة، حيث جرى طرح أسئلة من قبل الطرفين، ففاز يزبك بثلاث أسئلة صحيحة، فيما بيرلا أجابت على سؤالان صحيحان من أصل ثلاثة.