انطلقت الحلقة السابعة من برنامج "كن صحفيًا" الذي يقدمانه الإعلامي يزبك وهبي والطالبة الجامعية بيرلا إبراهيم.
في بداية الحلقة، عرّف يزبك وهبي ماهيّة الصحافة الاستقصائية وأيضًا تحدّث عن مفهومها في عالم الإعلام اليوم، قائلًا: "لغويًا، مصطلح الاستقصاء أو التقصي يشير إلى بلوغ الغاية أو بلوغ الهدف، أما الصيغ التعريفية لمفهوم الصحافة الاستقصائية أو التحقيقات الاستقصائية فهي متعدّدة، ورغم بعض الاختلاف في الصيغ، إلّا أنَّ أغلبية التعريفات تتفق على أن الصحافة الاستقصائية هي التحقيقات والتقارير القائمة على الأساليب وعلى الإجراءات المرتكزة إلى القواعد العلّمية والمهنية التي يستخدمها الصحافي في الوصول إلى الحقائق المستترة، أو تتبع بعض القضايا الشائكة وكشف الغموض فيها لأجل تقديمها للجمهور، بهدف خلق رقابة على السلطات العامة وحماية مصالح المجتمع".
وسألت بيرلا ابراهيم، يزبك وهبي، قائلة: "لنفترض أنَّ مراسلاً وصلته عبر عمله الميداني، معلومات عن قضية فساد أو فضيحة أو جريمة مالية أو بيئية، ما هي الأسئلة التي بجب أن يطرحها على نفسه من أجل أن معرفة إذا كان من الممكن أن يتحول الموضوع إلى تحقيق استقصائي؟"ردّ وهبي قائلًا: "هناك ثلاثة أسئلة من الضروري أن يجيب عليها المراسل، وإلَّا سوف يكون أمام حائط مسدود، هي:
١- عمَّ أُفتش؟
٢- لماذا أُفتش في هذا الموضوع؟
٣- أين الباب المفتوح أمامي، أو أين هي المعلومات المتاحة؟".
وعن سؤال الطالبة بيرلا، ما هي الصفات الأساسية التي يجب أن تتوفر لدى أي صحافي استقصائي، أجاب وهبي قائلًا: "إنَّ الميزة الأبرز التي يجب أن يتحلى بها الصحفيين الاستقصائيين هي الشجاعة، حيث عليهم القيام بالتنقيب الشاق وبالبحث والمراسلات من الشارع، وكسب المصادر والتمسّك بالقصص حتى يُصبح لها معنى، يجب أن يتحلّوا بالشجاعة أيضًا لمقاومة الضغوط القوية التي تدفعهم إلى الاستسلام، وأيضًا حتّى يصبح المرء صحافيًا استقصائيًا ناجحًا في عالم اليوم، يجب أن يكون قادرًا على التكيّف مع التحديات التي تفرضها النزعات العالمية والمتطورة في مجال الجريمة والفساد والقضاء على البيئة ومواضيع أخرى، وعليه أن يدرك أيضًا أنَّ ما يفعله هو السعي لتحقيق العدالة ورفع الظلم عن بعض الناس أو المجموعات".
وتابع وهبي قائلًا: "كما أنَّ هناك صفات أخرى يجب أن تتوفر لدى الصحافي الاستقصائي وهي:
أولًا - حب العمل وكأنه تحرّي لملاحقة كل الخيوط المخفية وكشفها.
ثانيًا - حب العمل الميداني.
ثالثًا - الحرص على التقييم الدائم للقصة.".
وانطلاقًا من كلام الإعلامي يزبك وهبي، سألته بيرلا ابراهيم: "ما هي الشروط التي يفترض أن يطبّقها الصحافي الاستقصائي المعاصر من أجل أن ينجح في عمله، وخاصةً في المجال الميداني؟" فأجاب وهبي، قائلًا: "إنَّ الشروط الأساسية الواجب توفرها لدى أي صحافي استقصائي عددها ثلاثة، وهي: الانفتاح والمنهجية والسلامة.
أولا ً- الانفتاح، بمعنى أن ينظر الصحافي أبعد من حدود منطقته أو بلاده، وفي حين أنَّ معظم الأشخاص يفضلون القصص المحلية، إلّا أن العثور على روابط للعالم الخارجي قد يجعلها أفضل، حيث أنّه يمكن التحقق من الوقائع ومقارنتها بشكل واسع. لذا، إذا عثرت إحدى المراسلات على شركة تلوّث أحد الأنهر في بلدها، فبإمكانها اللجوء إلى موارد دولية، وقد تكتشف أنَّ هذه الشركة بذاتها تملكها مجموعة صناعية تضطلع بممارسات بيئية متعسّفة في مكان آخر. وقد تكون إحدى القصص أحيانًا شديدة الخطورة أو التعقيد ليقوم بتغطيتها مراسل واحد بمفرده، لذا فإنَّ الانفتاح يعني أيضًا التعاون أحيانًا حتى مع وسائل إعلامية أخرى، والعمل مع خبراء من مهن أخرى.
ثانيًا - المنهجية، أي أنَّ الصحافي الاستقصائي، سواء كان في منزله أو في الميدان، يجب أن يُتقن استخدام الأدوات والبرامج لمعالجة البيانات وتنظيمها والنظر إليها، حتى أن تحكي الأرقام القصة، في بعض الاحيان. وتُسهّل التطبيقات والبرامج المجانية عمل الصحافيين الاستقصائيين حول أي مشكلة ذات شأن عام، لناحية ربط أي إسم بهاتف معين في أماكن عدة من العالم، أو تعقّب تحرّكات المجرمين من خلال وصل أسمائهم بمواقعهم. وعلى الصحافي أن يُتقن البحث عن المعلومات بطريقة مهنية وفي شكل معمق، كما يمكنُه تشجيع عامّة الناس على مساعدته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال التواصل المباشر معهم.
ثالثًا - السلامة الجسدية والقانونية والرقمية، إذ يُعتبَر كلّ من الأمن الجسدي والحماية القانونية من الامور الأساسية في ميدان الصحافة الاستقصائية، كما يُعتبَر السهر على البيانات والموارد المتاحة في البيئة الرقمية أمرًا إلزاميًا".
وعن أبرز العقبات التي تواجه الصحافة الاستقصائية حاليًا؟ قال يزبك وهبي: "هناك عدّة عقبات وخصوصًا في العالم العربي، نستعرض ستّة منها:
العقبة الاولى: غياب القناعة لدى الكثير من المؤسسات الإعلامية بتبني العمل الاستقصائي لاعتقادها بأنها تهدر الوقت والجهد.
العقبة الثانية: التحقيقات قد تضع الوسائل الإعلامية في صدام مع المؤسسة الرسمية وحتّى المجتمعية التي سيطالها العمل.
العقبة الثالثة: الوضع المالي للمؤسسات الذي لا يمكّنها من الإنفاق على التحقيقات التي تتطلب ميزانيات للعمل، وكذلك تخصيص متسع من الوقت للصحافيّ لإنجاز المهام الموكلة إليه.
العقبة الرابعة: قلة المؤسسات الداعمة للصحافة الاستقصائية ومحدودية برامج تمويلها.
العقبة الخامسة: النتائج السلبية واجهتها الصحافة الاستقصائية بسبب هواة مارسوها عبر "السوشيال ميديا".
العقبة السادسة: غياب القوانين الناظمة لحقّ الحصول على المعلومات في بعض الدول.".
خلال الحلقة، قام الإعلامي اللبناني يزبك وهبي بامتحان الطالبة الجامعية بيرلا ابراهيم من خلال تمارين حول الصحافة الاستقصائية، حيث طلب منها تحضير مقدّمة لبرنامج استقصائي تشرح من خلال مضمون التحقيق الاستقصائي الذي نفّذته وتوصّلت إليه في البرنامج.
في نهاية الحلقة، استكملت بيرلا ابراهيم القسم الثاني من المسابقة التي بدأت فيها في معرض الحلقة، حيث جرى طرح أسئلة من قبل الطرفين، ففاز يزبك بثلاث أسئلة صحيحة، فيما بيرلا أجابت على سؤالان صحيحان من أصل ثلاثة.