الرصانة في الأداء الإعلامي والموضوعية في طرح المواضيع.. عنوانان لشخص واحد يمتلك ثقافة الخطابة ويعي الاحترافية في إدارة الحوار.. إنّه عبد الله ملاعب، زميلنا في أخبار الآن الذي سافر إلى الصومال في الأيام القليلة الفائتة وقام بتغطية حصريّة لقناة الآن من هناك، وعاد إلى دبي وفي جعبته حقائق ومعلومات وأسرار عن جماعة الشباب، بالإضافة إلى الحوارات الكثيرة التي تنقل المشهد السياسي من الصومال، وتحديدًا من مقديشو التي ما زلت تقبع تحت وطأة الصراع بين جماعة الشباب الإرهابية والدولة الصومالية منذ العام 2009.
وفي هذه المقالة سوف نتعرف أكثر على الإعلامي اللبناني عبدالله ملاعب، وعلى مهمته الصحفية في الصومال، ومن هي الشخصيات التي قابلها هناك، بالإضافة إلى محصلة زيارته لـ وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الصومال.
عبد الله ملاعب.. بطاقة تعريف
عبد الله ملاعب، صحفي وإعلامي استقصائي في أخبار الآن، بدأ ممارسة مهنة الصحافة منذ العام 2016. حائز على شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية والإعلام من الجامعة اللبنانية الأميركية. وأيضًا ماجستير في العلاقات الدولية والسياسات العامة من الجامعة الأمريكية في بيروت. وهو منتج في القسم الاستقصائي لـ "أخبار الآن". وكونه يعمل في حقل الصحافة الاستقصائية، يبحث دائمًا عما هو أبعد من الخبر، محاولًا نقل الحدث من الميدان. وجلَّ ما يلفت انتباهه هي كل القصص التي ترتبط مباشرةً بالشعوب وبالإنسان، حيث يقوم بتغطيتها كما يُحب على أرض الواقع.
مهمّة عبد الله ملاعب في الصومال.. وماذا غطّى لـ "أخبار الآن"؟
كانت مهمّة عبد الله الصحفية في الصومال هي لتغطية تفاصيل الحرب التي تشنّها اليوم الدولة الصومالية بالتعاون مع الدول المتحالفة أو الصديقة على جماعة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة، والتي تعدّ أخطر أفرع تنظيم القاعدة إطلاقًا اليوم بسبب الميزانية المالية المرتفعة التي تمتلكها هذه الجماعة.
وعن التغطية الميدانية لـ "أخبار الآن" في الصومال، يقول ملاعب: "هناك القليل من يذهب إلى تلك البلاد بسبب معطيات كثيرة جدًّا، أبرزها، اللاستقرار الموجود في الصومال، فمنذ تاريخ اندلاع الحرب الأهلية عام 1991، وبعد ذلك عام 2004 تأسست جماعة الشباب، حيث تحوّلت إلى منظمة إرهابية، ثم بدأت التفجيرات وأصبح الصومال من دون دولة خصوصًا أنَّ جماعة الشباب كانت قوية جدًّا".
ويضيف ملاعب "فكان هناك تحدٍ أن أكون من الصحافيين القلائل الذين ذهبوا إلى الصومال ليقوموا بالتغطية من الساحة الصومالية"، موضحًا أنَّ "هذا كان هدف أخبار الآن أن تنقل فعلًا ما هو على أرض الواقع وأن تنقل ما هو حقيقي وما يتعدّى ادعاءات جماعة الشباب التي تنشر أسبوعيًّا ما تعتبره بأنّه انتصارات لها".
ويختم ملاعب: "فنحن كان واجبنا أن نذهب إلى هناك لننقل فعلًا ما يجري على أرض الواقع، وننقل مقاومة الصوماليين، وإصرارهم وعزيمتهم في القضاء على الإرهاب المشترك الذي يهدد العالم العربي بأكمله".
عبد الله ملاعب: "قابلتُ عدد كبير من المسؤولين والناشطين والمحللين"
في إطار حوارنا معه، قال الزميل عبد الله ملاعب أنّه قابل عدد كبير من المسؤولين والناشطين والمحللين في الصومال، بالإضافة إلى لقائه أشخاصًا كانوا جزءًا من جماعة الشباب وانشقوا، منهم نائب وزير الأوقاف صالح شريف سيد علي؛ فبحسب عبد الله كانت المقابلة معه مهمّة جدًّا لأنّه نقل لـ "أخبار الآن" قصة اغتيال جماعة الشباب لوالده الذي كان شخصية دينية مرموقة جدًّا ومحبوبة. ويضيف عبد الله ملاعب أنَّ "أهمّ ما يمكن استخلاصه من حوار نائب وزير الأوقاف صالح شريف سيد علي هو قوله بأنَّ "جماعة الشباب تقتل رجال الدين لكي تحكم ولكي تقود الجهال".
وعن لقائه الجنرال زكية حسين، يشير عبد الله ملاعب أنَّ "المقابلة مع زكية حسين كانت مهمّة جدًّا، وذلك يعود لكونها امرأة قبل مسؤوليتها الرسمية كـ جنرال نائب مفوض الشرطة وهي تمثّل كل ما يتعارض مع جماعة الشباب التي تنتمي إلى تنظيم القاعدة الإرهابي التكفيري الذي يسيء للإسلام والمسلمين والإنسان بشكل عام".
وينتهي ملاعب بالاستنتاج: "إذًا هي تقدّم خطاب إسلامي ديني يختلف عن التطرف الذي تروّج له جماعة الشباب لكي تقتل وتأخذ المال من أجل أن يكون لديها سلطة. كذلك هي تحدّثت عن النساء المنشقات من جماعة الشباب وهذا كان حقيقة أمر مهم أن نكتشف أنَّ اليوم العدد الأكبر هو للنساء اللواتي تنشق عن الجماعة، وذلك لأنَّ جماعة الشباب تنتهك حرمتهم وتوظفهم وتشغلّهم وتمنع عنهم كلّ ما يستحقه أي إنسان، امرأة كانت أو رجل".
شارع زوبي.. استراتيجي
في معرض دردشتنا معه عما لمسه على أرض الواقع في الصومال، تحديدًا في تقاطع شارع زوبي، أوضح عبد الله ملاعب أنَّ "شارع زوبي، استراتيجي جدًّا وإعطاء رسالة منه أمر مهمّ جدًّا لفريق العمل في أخبار الآن"، مشيرًا إلى أنَّ "هذا الشارع أو التقاطع الذي أصبح اسمه تقاطع 14 أكتوبر بعد تفجير 2017، يشكّل عصب الدولة، لذلك استهدفته جماعة الشباب أكثر من أربع مرّات لأنَّ في ذلك الشارع يوجد أماكن تجارية. وهذا ما سنكتشفه في مقابلات سوف يتم نشرها تباعًا".
وفي هذا الصدد، يشرح ملاعب، قائلًا: "بعد عام 2017، ظنّت جماعة الشباب أنَّ هذا التفجير الذي راح ضحيته ألف شخص لن يسمح للتجار في مقديشو برفض دفع ضرائب لهم. ولكن كانت النتيجة أنَّ الدولة تعود وتأتي، وإصرار المواطنين على البقاء وعلى المواجهة". ودعّم ملاعب فكرته من خلال استشهاده بمقولة لـ "زكية حسين"، جاء فيها: "إنَّ الجمهور اليوم والشعب الصومالي يتعاون مع الدولة لوقف تمويل جماعة الشباب عبر التفجيرات حيث تؤخذ الأموال من رجال الأعمال".
هل ما يزال هناك تأثير قوي لجماعة الشباب على الشعب في الصومال؟
في هذا الإطار، يلفت عبد الله النظر إلى أنَّ "التغطية الميدانية ومعاينة الواقع عن قرب، أوضحت أنَّ الصوماليون كسروا حاجز الخوف من جماعة الشباب مع التقدم العسكري الميداني، الحملة التي يقومون بها رجال الدين، الدعم الخارجي، وبالتالي تأثير جماعة الشباب على الشعب في الصومال تراجع".
كذلك ذكر عبد الله ملاعب إلى أنَّه وبحسب المقابلات التي أجراها والأشخاص الذين هم على تواصل مع المواطنين الذين يقبعون تحت مناطق سيطرة جماعة الشباب، نقلوا لفريق عمل "أخبار الآن" أنَّ هؤلاء الأشخاص مجبرون ولا يريدون القتال؛ وحتّى أنَّ جماعة الشباب تجنّد إجباريًّا.
ويشير ملاعب إلى أنّه من هذا المنطلق أتت رسالة رئيس الجمهورية من الشعب مفادها "لا تتحدثون معنا كدول غربية أو دول أخرى إلّا في ملف القضاء على الإرهاب، هذا ما نريده اليوم وهذا ما يعنينا اليوم".
عبد الله ملاعب يستعرض محصلة زيارته لـ وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الصومال، وماذا استنتج منها؟
لدى سؤالنا لـ عبد الله ملاعب عن محصلة الزيارة إلى وزارة الأوقاف، استرسل بقوله: "كانت هذه الزيارة مهمّة جدًّا لأنَّ وزارة الأوقاف لديها رمزية، فرأس تلك الوزارة الشيخ مختار روبو الذي كان من مؤسسي جماعة الشباب ومن ثمَّ انضمَّ إلى المواطنين، بالتالي أن نزور وزارة تلعب دورًا اليوم في إعادة تأهيل المنشقين وفي الوقت عينه يرأسها منشق، هو أمر مهم جدًّا". وأضاف ملاعب قائلًا: "إنَّ فريق العمل تواصل مع الوزير مختار روبو، لكنّه رفض أن يتحدث لأنّه لا يتحدث إلى الإعلام ويفضل أن يلعب دوره عبر خطب يوم الجمعة من الجامع، وبعيدًا عن الإعلام ربما منعًا للإحراج".
ماذا عن وضع المرأة الصومالية والتعليم؟
من الأمور الهامة التي أطلعنا عليها عبد الله ملاعب هو وضع المرأة الصومالية، إذ قال بأنَّ "المرأة الصومالية تقاوم، قوية وتلعب دور كبير جدًّا، ولديها عبء كبير أكثر من معظم النساء المسلمات أو العربيات بسبب بسيط، وهو أنَّ المرأة الصومالية تواجه عقلية الشباب المتطرفة وكل البروباغندا جماعة الشباب، ولكنّها تنجح في إثبات نفسها حيث يوجد اليوم وزيرة البيئة هي امرأة، ووزيرة المواصلات هي امرأة، والسيدة زكية حسين الأمنية العسكرية أبرز الوجوه النسائية". كذلك أوضح ملاعب إلى أنّه "يوجد نشاط نسائي مميز وإصرار في تحرير الصومال من جماعة الشباب لأنّه بكل بساطة جماعة الشباب اليوم يقومون بتوظيف المرأة في عمليات بيع أغراض ومخدرات ومزروعات في مناطق الحكومة بسبب الحملة لتجميد أموالهم".
هل هناك وجه شبه بين جماعة الشباب والقاعدة؟
في هذا السياق، يوضح عبد الله ملاعب أنَّ "جماعة الشباب عام 2012، أعلنت الولاء لأمير القاعدة أيمن الظواهري عند تعينه وأيضًا بعد اغتيال أسامة بن لادن.. وهي أحد أذرع تنظيم القاعدة، ولكن هي التي تقوم بعملية تمويل التنظيم بسبب التمويل الكبير، فقبل الحرب القوية عليهم التي بدأت في شهر مايو من عام 2022، كانت جماعة الشباب باسطة سيطرتها على جميع الأراضي الزراعية في الصومال، حيث كانت على علاقة مع الحوثيين، ومع الميليشيات والقاعدة، إذ أنَّ هذه العلاقة ما تزال قائمة إلى اليوم ولكنها ليست مئة بالمئة لأنَّ جماعة الشباب كيان إرهابي قائم بذاته، ولكن هذا الكيان يبايع تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أنّه درّب عناصر من التنظيم في الصومال قبل أن يُقتلوا بمعظمهم".
تطلعات عبد الله ملاعب القادمة بشأن هذه التغطية
في ختام حديثنا معه، دعا الزميل عبد الله ملاعب الجميع لمتابعة "أخبار الآن" ومتابعة الصحافة الاستقصائية، لافتًا إلى أنَّ "التطلعات القادمة دائمًا محاربة الإرهاب لما لهذا الملف الصحفي أهمية كبرى، فالإرهاب اليوم يهدد الكثير من الدول إن كان من قبل تنظيم القاعدة، أو جماعة الشباب، أو داعش". كما وعد بأنَّ "أخبار الآن" سوف تكون دائمًا هناك في قلب الحدث، وتنقل كل ما يتعارض مع ادعاءاتهم الكاذبة، وتلعب دورًا موضوعيًّا حقيقيًّا لمنع أي شعب عربي أو مسلم أن يكون ضحية أكاذيب الجماعات الإرهابية.
كذلك شدّد ملاعب إلى أنّه يهدف ليكون هذا الشخص الذي يرشد ويوعي أي شب أو فتاة عربي (ة) أو أي مسلم(ة) ضحية فكر تكفيري إرهابي يسيء للإسلام ولا يخدم إلّا قلّة تريد المال والقتل بكل الأساليب، مشيرًا إلى أنَّ "جماعة الشباب تتاجر بالمخدرات والبشر وتحمل اسم الله واسم الدين، لذا من واجبهم كإعلاميين تسليط الضوء عليهم، وكونه صحفيًا استقصائيًا يستهويه الميدان". كما وعد بأنّه سوف يقوم بالمزيد من التحقيقات ودائمًا القصة ملك الجميع.