ما زالت التعليقات تتوالى على الفيديو الذي نشرته النجمة اللبنانية يارا عبر حسابها الشخصي على موقع "انستغرام" قبل لحظات قليلة من بداية وصلتها الغنانية على مسرح "ليالي أوايسس" بـ "موسم الرياض"، والذي أظهرها تتذوق القهوة العربية الأصيلة الذي يشتهر بها الخليج العربي. وقالت في الفيديو: "القهوة العربية.. روعة بتعدّل المزاج". وعلى الإثر، إنهالت التعليقات المرحبة بالفنانة يارا على أرض السعودية، حيث أعرب عدد كبير من متابعيها السعوديين عن سعادتهم بتذوّقها للقهوة العربية التي أشارت إحداهم بالقول: "القهوة العربية عنصر ثقافي بالنسبة لنا وجزء اساسي بمجتمعنا السعودي وفيها عمق تاريخي وثقافي واجتماعي". وكان في المقابل أيضًا، تعليقات لمتابعين تساءلوا عن سرّ القهوة العربية التي تلذذت بها يارا قبل حفلها في "موسم الرياض".
ونحن في معرض هذه المقالة، سوف نفيدكم أكثر بمعلومات مهمة تتعلق بسرّ القهوة العربية وتاريخها، لما لهذا الأمر من أهّمية كبيرة كونها تعتبر جزءًا أساسيًّا من الثقافة العربية حيث أن أغلب شعوبنا العربية تبدأ صباحاتها بشربها والتلذذ بمذاقها الذين قلّة القليلة يعرفون قيمتها، وفوائدها الصحية. فهلموا معنا واسترسلو بقراءة هذه الأسطر القليلة التالية.
تُعتبر القهوة العربية في الدول الخليجية والعربية المختلفة عنوانًا للضيافةِ وللكرم الــذي يتمسّك به أبناء هذه الدول، حيث أنها أَضْحت تقليـدًا وطنيًا أصيلًا وجزءًا من الهوية العربية. وأكثر ما يدّل على أهميتها في التراث العربي عمومًا والخليجي خصوصًا هو أنّها العنصر الدائم على المائدة في الاقامة والترحال.
يتساءل كثيرون عن سرّها، فهو الذي يكمن في رائحتهــا التــي توفد إلى النفس الرضا والراحة والانشراح. ويقال في المجالس الشعبية، أنَّ الضيافة تبقى ناقصة من دونها حتّى لو قُدّم للضيف وليمة كاملة، فالضيف الـذي لا تقـدم لـه القهـوة يحسّ بالإهانـة وأنَّ مضيفـه قصّر في واجبه نحوه. ومن أسرار القهوة العربية أيضًا أنّها تعدّ دليلًا على الصفح والعفو والتسامح بين المتشاجرين.
ونبقى في إطار موضوعنا حول أصالة القهوة العربية وأهميتها، جرى إدراج أصل القهوة العربية في القائمة التمثيلية للـتـراث الثقافي غـيـر المادي للبشرية بالـ "يونســكو"في ديسمبر 2015، حيث تمسّكت الإمارات العربيـة المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وسلطنة عمان على التعريف بهــذا التراث الرصين.
ونفيدكم بأنَّ تاريخ القهوة وموطنها الأول يعود إلينا بعدّة روايات، لكن الرواية الأكثر تواترًا هي التي تقول بأنَّ الموطن الأصلي لشـجرة البن هـو بلاد اليمن، حيث أنّ المعلومات تشير إلى أنّها مـن أوائـل الدول التـي قامت بزراعتها، والدليل على ذلك، هو المسمى الذي يطلق على البن "Arbica" أي القهوة العربية. ومن أشهر أنواع ثمار البن هو "الموكا" المشتق من ميناء المخاء اليمني الذي عرف قديمًا كميناء لتصدير البن. ويقال بأنَّ الأسم العلمي لشجرة البن هو شجرة البن العربي، حيث أنَّ الشجرة المتوسطة منه تنتج في العام الواحد مــا يكفي لصنع 7.0 كجم مــن الـبن المحمص.
هذا ويطلقُ على الأدوات التي تستخدم في صنع القهوة العربية إسم "المعاميل"، والتي تشتمل على الموقد، الــدلال بأنواعهــا المختلفة، الفناجين، المحماس، المبرد، النقيرة، النجر، المبخرة، الملقاط، البيز، التواة، المنفاخ، والمركا.
وفي ختام هذه المقالة، جلّ ما يمكننا قوله هو أنَّ القهوة العربية باتت تقليدًا إنسانيًّا عالميًّا، إذ أنّها تلعبُ دورًا مهمًّا في نمط حياة مجتمعنا الخليجي والعربي على اختلافه، وفي تعبيرنا عن القيم الثقافية والاجتماعية كافة كونها أصبحت مع مرور الزمن رمزًا لحسن الضيافة والكرم، فلكلّ فنجان قهوة نرتشفه حكايةً تبدأ ولا تنتهي، تحّرك فينا مشاعر العروبة وتزيد من فخرنا في أنّنا ننتمي إلى الهوية العربية. شكرًا لكِ يارا لأنك جعلتينا نَحِنُّ إلى تذوق قهوتنا العربية الأصيلة حينما قٌلتِ "أحلى قهوة عربيّة قبل الحفل في هالمكان الأكثر من رائع". تحيّة لكِ.