نجمة لا تشبه النجمات فألوانها فريدة وابتساماتها أنيقة وحضورها مختلف يعكس التماهي المطلق بين العقل والقلب والحركة والكلام،
تراها بسيطة في حياتها وعيشها، فهي تعرف تماما ان السلام والاطمئنان يولدان من الداخل فقط، وكل بهرجة هي مؤقتة وغير دائمة،
أم جميلة هدفها احتضان بناتها بكل ما اوتيت من خبرة وحنان قدمتهما لها الحياة وتجاربها.
تراها في الصباح تقود سيارتها المتواضعة، تدخل "السوبرماركت" ومنها الى مطبخ المنزل ومنه الى مطبخ الاحلام فيلمع بريقها كجوهرة تشع شغفا وحبا ومهنية والتزاما قلّ نظيرهم في عالم الدراما اليوم.
انها الممثلة القديرة "رندا كعدي"، التي تطل اليوم عبر "تلفزيون الآن"، فماذا قالت عن الدراما والناس وكورونا؟
الاطلالة على المشاهدين تكون بما يليق بي وبهم
في حديث خاص لموقعنا ترى الممثلة رندا كعدي، ان "الموسم الرمضاني الأخير كان علامة فارقة في مسيرتها بعالم التلفزيون، وأتت الأعمال التي شاركت فيها كتكريم لها ولمسيرتها، والتكريم الأحب كان من المتابعبن والمشاهدين الذي لم يبخلوا عليّ بالتقدير وبأجمل الكلمات النابعة من قلوبهم وعقولهم.
وفي هذا الموسم، شكلّت الاعمال التي قدمتها متنفسا للمتابعين، اذ جاءت في وقت يحتاج الناس فيه الى ما يسليهم ويلهيهم عن التفكير بمصائبهم الكثيرة التي خلّفها (فيروس كورونا) وبعض المشاكل الأخرى التي عرفتها مجتمعاتنا.
والحقيقة ان الأدوار الثلاثة التي أطليت بها "أم صافي" في مسلسل "2020" (بلال شحادات ونادين جابر وإخراج فيليب أسمر وإنتاج صبّاح إخوان) وأم "عماد" في "راحوا" (كلوديا مارشيليان وإخراج وإنتاج نديم مهنا) و"حنان" في "للموت (كتابة نادين جابر وإخراج فيليب أسمر وإنتاج إيغل فيلمز)،
تم تصويرها في فترات متباعدة، اذ ان كل عمل تم التحضير له في سنة مختلفة، وهذا ما جعلني اتمكن من اعطاء كل شخصية وقتها ومساحتها، ومكنني ايضا من دراسة كل شخصية على حدى حتى استطعت نقلها من عالم الخيال الى عالم الواقع بطريقة مخمّرة وقريبة من الناس.
لكن ولحسن حظي، أكرم عليّ الشهر الفضيل هذه السنة، بعرض هذه الاعمال في آن واحد، فكنت ضيفة في بيوت اللبنانيين والاشقاء العرب فحملت لهم كل الاحترام في تأدية عملي وتجسيد شخصياتي.
وبكل الاحوال ليست هذه هي المرة الأولى التي تعرض لي مجموعة من الاعمال بطريقة متوازية، فالتجربة عينها عشتها في رمضان 2017، وتوّجت انذاك بمحبة كبيرة بادلني اياها الناس وبتكريم من "الموريكس دور" وهذا ما يجعلني اكثر ثقة وأكثر مسؤولية وأكثر رغبة في الاطلالة دائما على المشاهدين بما يليق بي وبهم".
ابتني أصبحت مدربتي... وهكذا أصنع شخصياتي
أما عن عملها وطريقتها في تحييك الشخصيات والادوار التي تقوم بتأديتها، فترى كعدي ان " عمل الممثل يشبه عمل النحّات الى حد كبير، فكما ان النحّات يقوم بخلق روح من قلب الصخر، هكذا الممثل، اذ انه ينفخ الحياة في حبر الكاتب ورؤية المخرج،
فالممثل هو من يعطي الحياة والحركة للشخصية التي يؤديها، هذا طبعا مع الاحترام والتقدير الدائم للنسج الدرامي الذي يقدمة كاتب العمل وللبعد الاخراجي الذي يحدد ملامحه المخرج،
وهنا اعود الى شخصية حنان في (للموت) اذ ان تأدية هذا الدور تطلب مني بحثا عن تاريخها وهويتها وثقافتها وكل تفصيل متعلق بها، فنحن نبحث عن التفاصيل لنجمعها بالصوت والصورة ونطل بها على الناس،
وعملية بناء الشخصية تكون قبل الوصول الى مرحلة التصوير، التي خلالها لا بد من ان يظهر الانسجام بين فريق العمل، لاسيما بين الممثل والمخرج، فيكون الأخير ميزان الذهب، الذي يحرص على عدم تفلت الممثل ودخوله في اضافات لا تخدم العمل ولا الدور.
وهنا لا بد لي من العودة الى مرحلة ما قبل التصوير، حيث بكل فخر اترافق فيها مع ابنتي تمارا كريستا حاوي، التي اصبحت مدربتي بعد ان خاضت مجال الدراسات العليا في لبنان واوروبا وتخصصت في مجال اعداد الممثل،
والتدريب في هذه المرحلة تظهر ملامحه، على حركة الممثل (جسمانيته) وعلى نبرة صوته وقدرته على التلاعب بنغماته وطريقة اخراج صوته وفقا لمتطلبات كل عمل، وهذا ما يتطلب جهدا كبيرا وتدريبا دائما،
والتدريب هو ما يجعلني قادرة على المواكبة والتطوّر، فمهنتنا كأي مهنة أخرى تحتاج دائما الى مكتسبات جديدة ومهارات حديثة، ومن يريد ان يقدم عمله باحترافية ومهنية لابد له من ان يسلك هذه الطريق".
الناس ميّالون الى الادوار الصادقة
وعن تنويعها في الأدوار التي تختارها، لاسيما في ظهورها الأخير خلال شهر رمضان الكريم، تؤكد كعدي انها " تحاول دائما التنويع بما تؤدي وتلعب من ادوار، فهذا ما يرضي طموحها المهني وما يستنفذ قدراتها التمثيلية التي تحاول تطويرها بشكل دائم،
فحتى في تجسيد دورالأم عينه، لا يمكن الحديث عن رتابة في الاداء والمشاعر، فالامهات مختلفات في تفكيرهن وكلامهن وطريقة حياتهن، وكذلك هناك أم الشهيد والأم المجنونة والعصبية والحنونة والمحبة والجميلة وغيرهن، لكن الناس تميل دائما الى الأدوار الجميلة والصادقة، التي قد تعكس رغبتهم في البحث عن الصدق والجمال..
وبما يخص القساوة التي ظهرت عند (أم عماد) في (راحوا)، لا بد من الاشارة الى انها ليست هي المرة الاولى التي العب فيها شخصيات مركبة نافرة وقاسية، اذ قدمت مع مروان نجار (الطاغية) و (كفى) مع طارق سويد و(وجع الروح)".
الجمال والشباب ضروريان... ولكن
وفي ما يخص عنصر البطولة في الدراما، ترى كعدي ان الاعمال الحديثة بدأت ولو بشكل خجول بالتخلي عما يعرف بالبطولة المطلقة، فعلى سبيل المثال قدّم مسلسل (راحوا) خمسة أبطال تطوّرت شخصياتهم بطريقة متساوية بالتوازي مع الشخصيات المساندة التي لعبناها انا وزملائي الذين ظهرنا في ادوار مختلفة ضمن (الحي الشعبي)
وقفي للموت، بدت الثنائية مع الممثل القدير أحمد الزين، كعلامة فارقة وكرسالة حملناها الى كل العالم العربي وقلنا من خلالها ان الحب لا تحده الاعمار ولا تعيقه العادات والتقاليد، فكل حب ضمن شروط الأخلاق لا بد من تكتب له الحياة،
وعلى هذا الصعيد، الرسالة الأهم هي للمرأة التي ومع الأسف يكبلها المجتمع بتنميط يجعلها غير قادرة على التعبير عن حبها ومشاعرها لألف سبب وسبب،
والدراما الاجتماعية الحقيقية غائبة عن اعمالنا ولا أظن اننا شنشهدها قريبا، ذلك لان صناعتنا للدراما تقوم على معايير مختلفة عن تلك التي تقوم عليها الدراما العالمية،
اذ ان عنصر الشباب والجمال اساسيين في اعمالنا المحلية، وهما وعلى أهميتهما لا أراهما كافيين لتقديم دراما اجتماعية بمفهومها العريض،
ولتغيير هذه النظرة في اعمالنا لابد من حصول خرق في الدائرة الدرامية بشكل عام ، تكون بدايته عند المشاهد الذي يحدد اتجاهات الاعمال التي تقدم له"..
بين الفرح والخوف... قلوب للجميع
وتختم رندا كعدي حديثها بالتعبير عن مشاعرها، مشاعر متناقضة بين الخوف والفرح، فهي مع جائحة كورونا تعيش الخوف على كل من تحب بدءا من عائلتها الصغيرة وصولا الى عائلتها الكبيرة التي تضم عددا كبيرا من الممثلين والممثلات، الذين لم تتردد يوما في التعبير عن خشيتها من ان تنقل لهم عدوى كورونا اذ تردد " غالبا ما اقول لهم انا عشت ما يكفي من العمر ولكن خوفي عليكم من ان تنقل لكم العدوى"
وتضيف كعدي " اعادتنا كورونا الى ذواتنا الى حقيقتنا والى حياتنا الطبيعية، لقد جعلت منا كورونا أناسا يقدّرون ما يملكون من ابسط الامور الى أكثرها تعقيدا، فمع كورونا عرفنا قيمة (الغمرة) و (البوسة) واللقاء مع من نحب".
أما مشاعر الفرح، فتتجسد عند رندا في كل لقاء لها مع الناس والمتابعين والمشاهدين، اذ تقول " لا يمكنني ان أصف مدى محبة الناس في رسائلهم التي يرسلونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما عبر (فيسبوك) وانا حريصة جدا في ان أعبر عن شكري لهم جميعا من خلال القلوب التي اوزعها على تعليقاتهم وكلماتهم".
- جو لحود -