يظل الإنسان هو أكثر المخلوفات التي تشغل بال العلماء بالكثير من الأسئلة حول نشأته وتطوره، وكيف كانت حياته على الأرض، قبل آلاف السنين، ومع اكتشاف هيكل عظمي لطفل من أطفال ما يعرف بإنسان النياندرتال في جنوب غرب فرنسا في منطقة "سافينياك دو ميريمونت" في الموقع الصخري الأثري المعروف علميًا باسم "لا فيراسي"، في العام 1973، ومع إعادة الفحص لذلك الهيكل العظمي، تم معرفة كيفية وصوله إلى تلك المنطقة، وتم اكتشاف الطرق الجنائزية في خلال ذلك العصر السحيق، ليتأكد للعلماء أن إنسان نياندرتال قد عرف الدفن الجنائزي، حيث عُثر على رفات 7 هياكل عظمية لأعمار مختلفة في نفس المقبرة ما بين 7 أشهر وحتى 45 عامًا.
ووجد الهيكل العظمي للطفل مدفونًا ورأسه لأعلى، من دون أن يكون إلى جانبه حيوانات مدفونة، كما قُدر عمر هذا الهيكل وقت الوفاة بعامين، مما يؤكد على أن إنسان نياندرتال قد عرف الدفن لموتاه عكس ما كان يعتقد العلماء، وهو ما يزيد من فرضية التقاء الإنسان العاقل الذي كان موجودًا لأول مرة بإفريقيا، ويزيد من فرضية هجرته نحو الشمال وتقابله مع إنسان نياندرتال، واحتمال وقوع التزاوج بينهما بات مؤكدًا، خاصة بعد تتبع مورثات الجينيات في إنسان العصر الحالي، وحسب تجارب على الحمض النووي قام بها علماء الجينات.
يُذكر أن إنسان نياندرتال قد عاش قبل أكثر من 40 ألف عام على الأرض، وكان متواجدًا في القارة الأوربية، قبل أن ينقرض، ويفترض العلماء تقابله مع الإنسان العاقل وتزامنهما على الأرض قرابة 6 ألاف عام، ويؤكدون أن الإنسان العاقل تزاوج معه، لوجود كروموسوم جيني في الحمض النووي لكثير من الأوربيين حتى الآن، خاصة النساء، واللائي وجد لهن قدرة جسدية على مقاومة زائدة وقدرة على النجاة من النزيف الداخلي والإجهاض.