يظهر منذ الأزل في السماء، ويتغنى به الشعراء على مدار الحياة، يشبهون كل جميل باسمه، وحين اكتماله لا يضاهيه في السماء نجم ولا كوكب، ولا يزال شاغلاً لعقول العلماء عن كيفية نشأته، وطبيعته، وسر وجوده وحيدًا ضمن مجال الكرة الأرضية، إنه القمر. ذلك الجرم الفضائي الذي يُعده العلماء أقرب الأجرام الفضائية إلى كوكب الأرض، والذي تدور حول نشأته نظريات متتابعة منذ وجود الإنسان على الأرض، وشغلت ذهن الحضارات المختلفة منذ فجر الإنسانية حتى الآن ولا يزال، ويُعد ما قدمه فريق من العلماء البريطانيين مؤخرًا حول نشأة القمر، أحدث سيناريو محتمل يوضح كيف تكون قمرنا.
كان فريق علماء بريطاني قدم تفسيرًا محتملاً جاء خلال التصور بحدوث اصطدام ضخم بين كوكب الأرض وبين الجرم الفضائي الافتراضي الموسوم بالاسم "ثيا" (Theia)، قبل حوالي 4.5 مليار سنة فيما عُرف باسم "الاصطدام العملاق"، وهو ما أطلق كميات هائلة من الحطام الناتج عن هذا الاصطدام، والذي بدأ في التجمع قريبًا من الأرض التي ظلت على حالها بعد الاصطدام، وبفعل الأبخرة المتصاعدة الساخنة الناتجة عن ذلك بدأ الحطام في التجمع مكونًا القمر الحالي. وعلى الرغم من ذلك أكد فريق العلماء الذي تبنى تلك النظرية؛ أن ذلك التفسير ليس نهائيًا، لكنه يفتح الباب نحو تفسير أقرب لحقيقة ما حدث، ويعتبر بداية واعدة لاكتشاف كيفية تكون القمر.
يُذكر أن قمرنا؛ هو القمر الوحيد التابع للأرض، ويُعتبر خامس أكبر قمر ضمن مجموعتنا الشمسية، وتقدر المسافة بينه وبين الأرض بحوالي 384,400 كم، وتصل كتلته إلى ما مقداره (81/1) من كتلة الأرض، ويبلغ قطره ربع قطر الأرض، ويُعد الجرم السماوي الوحيد الذي استطاع البشر وضع أقدامهم عليه، والوصول إليه أكثر من مرة منذ بدأ تسيير الرحلات إليه في 1959 بواسطة وكالة الفضاء الروسية وتبعتها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وأخيرًا وقبل أيام وصل مسبار صيني إلى سطحه وغادر إلى الأرض جامعًا بعض العينات من تربته لدراستها.