تُشير كثير من الدراسات الاجتماعية لطبيعة العمران في منطقتنا العربية بأن عادات النوم اختلفت كثيرًا عما كانت عليه قبل عقود قريبة، وهو ما أثر بدوره على شكل ونمط الإنتاج داخل مجتمعاتنا، وكانت أعداد اللواقط التلفزيونية (اطباق الاستقبال) مؤشرًا في زيادتها على تغير نمط النوم والسهر داخل المجتمع العربي، وهو ما أثر بدوره على دورة الإنتاج، وربما ساعدت حركة التطور والصناعة إلى مزيد من تغيير عادات النوم، إذ يُضطر كثيرون للسهر طوال الليل حسب طبيعة العمل التي اقتضت ذلك.
وكانت دراسات طبية وصحية أفادت بأن النوم المبكر والاستيقاظ المبكر يمكن أن ينطوي على مجموعة من الفوائد الصحية، يتمثل أبسطها في الحالة المزاجية اليومية للشخص، والتي تؤثر طوال اليوم على تصرفاته وردود أفعاله، وكانت دراسة قد نُشرت في مجلة "أبحاث الطب النفسي" أكدت على أن الأشخاص الذين يستيقظون قبل السادسة أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة تبلغ 25% من هؤلاء الذين لا يستطيعون الاستيقاظ مبكرًا، ويمكنهم أن يكونوا أكثر إنجازًا لأعمالهم نظرًا للنشاط والحيوية التي يشعر بها الجسم. وأكدت دراسة في جامعة هايدلبرغ الألمانية أن الاستيقاظ المبكر يؤثر على نجاح الفرد مهنيًا، فهو يمنح صاحبه مزيدًا من الثقة وتحمل المسؤولية، حسب ما نشرته تلك الدراسة.
وأكدت بايلي بوش الطبيبة الإسترالية المشاركة في واحدة من تلك الدراسات، أن الجسم يرتاح أكثر في ذلك، إذ تتعود ساعته البيولوجية على العمل بشكل طبيعي، وقالت: "سيحب جسمك الأمر، لأنه سيعود مرة أخرى إلى إيقاع بدائي وأكثر طبيعة- يُشبه الحياة كما كانت عليه قبل اختراع المصباح الكهربائي". وأضافت أن واحدة من أهم مخاطر الاستيقاظ متأخرًا هو الشعور البالغ بالوحدة، والذي يدفع إلى المزيد من الاتجاه نحو الاكتئاب مما يهدد فرص الحصول على شريك في الحياة، وهو ما أكدت عليه دراسات بجامعة فينرغ للطب بكاليفورنيا وجامعة سري ببريطانيا، من أنَّ الأشخاص الذين يحبون السهر أكثر عرضة للأمراض، بل ويتجهون إلى الموت أسرع ممن يخلدون إلى النوم مبكرًا.