تصحبنا سناء حمداني في هذه الحلقة للتعرف على واحدة من قصص التحدي والأمل، مع ضيفة الحلقة "مروة مبيض" (شابة سورية/ 28 عامًا/ لاجئة في ألمانيا)، التي قالت لكل ظروفها الصعبة أنا أقوى، أنا هنا ولي مكان تحت الشمس، أنا لن أستسلم، أنا شخص مختلف، وذلك لأني امرأة.
شاء القدر أن يضع "مروة مبيض" في اختبار شديد القسوة، إذ فقدت القدرة على المشي في أوج ريعان شبابها، لكنها لم تفقد شغف الحياة أو الأمل، كان بالإمكان أن تقرر نهاية كل هذا العذاب والألم بقرار سهل، لكنها اختارت طريق الحياة والتمسك بها، وزادتها أزمتها إصرارًا وقبولاً للحال وتحديًا، فقررت كسر الصورة النمطية حول ذوي الاحتياجات.
تتذكر "مبيض" حادث السيارة لحظة كانت في حضن أمها التي راحت تحمي رأسها بينما السيارة تكرر الانقلاب، لا تزال أصوات العائلة (خاصة أمها وأختها) بعد خروجهما من السيارة ترن في أذنها، تصايح الجميع "مروة اخرجي من السيارة"، ولحظتها كانت أبشع لحظة في حياتها، إذ لم تقدر على الوقوف على رجليها، ولحظتها تحول عالمها للأبد من شابة (24 عامًا) تتحضر لأولى خطوات المستقبل إلى مقعدة لا تقوى على المشي.
استطردت "مبيض" بابتسامة راضية وواثقة، وراحت تتذكر تلك اللحظات الفارقة في حياتها، بعد أن كانت حياتها الجامعية تسير بخطوات جيدة، وملامح مستقبل مشرق يتشكل أمامها، فجأة تكسر كل شيء في لحظة، وبدأت برفض وضعها على هذا الكرسي المتحرك وأنه يجب التفكير بالمستقبل وإعادة التخطيط في ظلّ هذا الكرسي المدولب!! تقول بأنها رفضت في الشهور الثلاثة الأولى أن تجلس إلى هذا الكرسي، وكذلك امتنعت عن مقابلة أصدقائها القدامي، ولم تسمح لدخول أي شخص جديد إلى حياتها، لأنها حسب قولها "أرفض أن يراني أحد بهذا الوضع". قررت الدخول إلى عزلة تامة، ولم تتواصل مع عائلتها التي تفهمت وضعها النفسي تمامًا، وكان عليها اتخاذ قرار مصيري، إما الانتحار وإما أن تتعامل مع وضعها الجديد على هذا الكرسي. كان اختبارًا قاسيًا، انتهى بها أن تتخذ قرارًا حاسمًا. "لا"، كان قرارها في وجه هذه المأسأة.
انتقلت "مروة مبيض" إلى ألمانيا وكان عليها الاعتماد ذاتيًا على نفسها، وهو ما مضت في طريقه، وأكدت أن الجو العام في ألمانيا ساعدها كثيرًا، إذ كان عليها أن تتدرب يوميًا لأربع ساعات، وذلك للحفاظ على توازنها على الكرسي، وبمساعدة مدربها الخاص استطاعت أن تكون أكثر استقلالية.
قررت "مبيض" أن تسخر جهودها لأجل مساعدة ذوي الاحتياجات، وأكدت أن الإصابة يجب أن نواجهها وأن نعترف بها، لأن ذلك أول طريق للتشافي والرضا عن الحال، وهو ما فعلته "مروة مبيض" إذ أخذت التجربة منها شيئًا عزيزًا لكنها لم تستسلم وقررت المضي بجرأة وشجاعة في الحياة، ومن دون أن تفقد شغفها وحماستها وعللت لذلك "لأني امرأة أستطيع".