يربط العديدون أصناف الطعام وأطباقهم الخاصة بالهوية الوطنية ارتباطًا وثيقًا، حتى أن البعض ربما يتخذ مواقف عدائية في حال شعر بالتهديد لتلك الأصناف، هذا لأن علماء المجتمعات والأنثربولوجيا يرون الأطعمة كواحد من محددات ثقافة الشعوب.
ومع ازدياد أعداد المهاجرين من الشرق الأوسط بعد أزمات المنطقة في السنوات الأخيرة، لاحظ الأوربيون دخول أكلات عربية إلى سوق الأطعمة الأوربية، وبعد أن كانت الجاليات العربية معروفة بمناطقها ومطاعمها وأسواقها التي تقدم الطعام العربي على عادة كل الجاليات حول العالم، بات الأمر في ألمانيا استثنائيًا، ويبدو أن ثمة حرب خفية في هذا المضمار، إذ ومع تزايد أعداد السوريين من اللاجئين إلى ألمانيا راحت تنتشر الأطعمة السورية الخاصة والمشهورة هناك، وهو ما اعتبره بعض الألمان من المحافظين والمتشددين على السواء بمثابة تهديد لثقافتهم الغربية، فقد صار بإمكانك أن ترى الكثير من الأطعمة السورية في المطاعم وسوق الطعام الألماني في المدن الألمانية بكل سهولة.
وتاخذ المقبلات والفلافل والتبولة وبابا غنوج شهرتها داخل الأوساط الألمانية، بل صارت تتخذ لنفسها مسميات مختلفة في ألمانيا وفقًا لمكوناتها، فمثلاً صارت التبولة معروفة باسم سلطة البقدونس، بينما البابا غنوج أصبح معجون الباذنجان، في حين أن الفلافل صارت كُرات الحمص المقلية. ولم يتوقف الأمر عند ذلك ففي الاتجاه المقابل بدأت بعض الأطعمة الألمانية تأخذ سمعتها بين المهاجرين لكن بأسماء عربية محرفة كما حدث مع الدونر الذي أصبح العرب واللاجئون يسمونه الشاورما. وبحسب رجائي الشماركة المهاجر من أصول مصرية ، طباخ وعضو في رابطة الطهاة الألمان، والذي صرح لواحدة من الصحف التي تجري تحقيقًا حول الأمر، قال: "كان من الممكن شراء الأطباق العربية مثل البامية أو الأطباق الأفريقية مثل الصلصة الحارة "تشاكالاكا " في أسواق معينة وقليلة منذ سنوات عديدة. "أما الآن، ما كان يعرف دونر سابقاً أصبح يعرف بالشاورما".
كانت ألمانيا واحدة من أكثر دول العالم استقبالاً للاجئي المنطقة العربية (سوريا/ العراق) في السنوات الأخيرة، بل وشهدت تنوعًا ثقافيًا هائلاً على إثر موجة اللجوء الكبيرة التي حدثت في 2015، وبحسب إحصاءات فإن نسبة العمالة الاجنبية في ألمانيا في نهاية 2019 بلغت 34% وذلك حسب ما جاءت بع وكالة التوظيف الاتحادية، شكل السوريون وحدهم من هذه النسبة قرابة 14 ألف لاجيء، وكثيرون منهم يعملون في مجال الطهي، وهو ما يجعلهم يلجأون إلى أكلات عربية وسورية مع إطلاق أسماء بديلة عليها كما حدث مع الملوخية التي أحبها الألمان.