تُعد المياه أصل الحياة لكل الموجودات، وبها يستدل العلماء على وجود حياة ما في أي مكان في كوننا الفسيح، وهو ما يجعل بعثات الفضاء تولي اكتشاف الماء على سطح الكواكب المحيطة أولوية فائقة، إذ يعزز ذلك فرضية وجود حياة أخرى على كوكب غير الأرض، أو يطور فرضية حول إمكانية عمران البشر لتط الكواكب في المستقبل. وكانت وكالة ناسا الأمريكية لعلوم الفضاء قد أعلنت الإثنين الماضي اكتشاف مياه على سطح القمر، وهو ما يعد اكتشافًا مذهلاً في بحث العلماء حول صور الحياة في الكون المحيط بنا.
فقد أكد مرصد الستراتوسفير التابع لوكالة "ناسا" الأمريكية في اكتشاف مثير، لأول مرة وجود الماء على سطح القمر المضاء بنور الشمس. ويشير هذا الاكتشاف إلى أنه يمكن أن يكون الماء موزعًا على سطح القمر، ولا يقتصر على الأماكن الباردة المظللة، حسب موقع إدارة الطيران والفضاء الأمريكية "ناسا" الاثنين (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2020)، وكتب جيم برايدستاين على تويتر الإثنين: "تأكدنا من وجود مياه على سطح القمر المقابل للشمس للمرة الأولى باستخدام تلسكوب SOFIA".
كانت وكالة ناسا قد أعلنت في مؤتمر صحفي على الإنترنت أنه تمَّ رصد جزئيات مياه في أكبر فوهة يمكن مشاهدتها من الأرض، وهي في النصف الجنوبي للقمر، وهو ما يُعد إنجازًا علميًا كبيرًا تعول عليه ناسا في معرفة المزيد عن القمر قبل 2024، وكذلك فقد حسم كثيرًا من حيرة العلماء حول هذا الأمر، والذي تمَّ تأكيده من خلال مرصد الستراتوسفير لعلم الفلك بالأشعة تحت الحمراء، والذي يعرف اختصارا باسم "صوفيا"، وتم نشر نتائج ما توصل إليه في مجلة "نيتشر أسترونومي" العلمية وجاءت نتائج الدراسة التي جاءت في ورقتين بحثيتين. وسوف يعزز ذلك الاكتشاف الواضح للمياه الجزئية طموحات وكالة ناسا الفضائية لإنشاء قاعدة على سطح القمر، تستفيد من الموارد الطبيعية المتوفرة هناك.
يُشار إلى أن التلسكوب المحمول جوًا المعروف باسم "صوفيا"، يعمل بالأشعة تحت الحمراء ويحلّق هذا المرصد، الموجود على متن طائرة بوينغ معدلة من طراز 747، على ارتفاع كبير من الغلاف الجوي للأرض، الأمر الذي يتيح رؤية واضحة إلى حد كبير للنظام الشمسي، ويعزى إلى هذا التليسكوب تمكن العلماء من تحديد اللون "المميز" لجزيئات المياه، واعتقد العلماء أن المياه على سطح القمر يتم تخزينها في فقاعات من الزجاج القمري أو بين حبات التربة على السطح، على نحو توفر لها حماية في البيئة القاسية.
ويتوقع العلماء أن هذا الماء له احتمالين سببا تواجده على القمر، الاحتمال الأول؛ أن المياه جاءت من خلال "نيازك دقيقة" تحمل جزئيات مياه، والتي تترسب في التربة عند الاصطدام بها، بينما الاحتمال الآخر فهو مبني على سبيين أحدهما أن رياح الشمس توجد معادن هيدروجين، والآخر أنها تتفاعل مع المعادن الحاملة للأوكسجين في التربة، ما يسبب حدوث تفاعل كيميائي يوجد المياه فيها، هذا ولم يجد العلماء تفسيرًا جازمًا لكيفية تخزينها داخل التربة، إلا من خلال أنها محصورة بفقاعات صغيرة في التربة والتي تشكلت من الحرارة العالية الناتجة عن النيازك، أو أنها موجودة بين حبيبات التربة القمرية، ومحمية من أشعة الشمس.