ماذا لو كان طبيبكً الموثوق الذي يحبّه الكثيرون في واقعِ الأمر له حياةٌ سريّة مرعبة، تتبيّن فيما بعد، وتعرِف أنّه كان مسؤولًا عن قتل مئتين وخمسين ضحية حقنًا بالمخدرات. كيف سيكون شعوركً حينها؟
لقبوه بطبيب الموت، قتل مئتين وخمسين ضحية حقنًا بالمخدرات، وتحديدًا بالمورفين فقط ليتلذذ بموتهم.. قصّتنا عن قاتل متسلسل اختفى خلف رداءِ طبيبٍ محترم لنحوِ أربع وعشرين عامًا.
وتستعرض الإعلامية رولا السبعاوي في وثائقي "القاتل المتسلسل" أحداث عن أسوأ سفاح في العصر الحديث "هارولد شيبمان".
من هو القاتل المتسلسل "هارولد شيبمان "؟
ولدَ شيبمان في مقاطعة "ليدز" في إنجلترا عام 1946، وعاش طفولة منعزلة بسبب بصحبة أم متسلطة حجَّمت من علاقاته، وفي بدايات الستينيات أصيبت أمه بسرطان الرئة، وهو الأمر الذي يعتقدُ متخصّصون أنّه السبب بشغفه فيما بعد بمخدر المورفين الذي كان له أثرٌ عجيب على آلام أمه.
التحق بكلية الطب لدراسة الطب العام في "ليدز"، وبدأ بالعمل عام 1970 طبيبًا في أحد المستشفيات العامة، حتى أصبح مستقلاً، حيث بدأت قصّته بالتشكلّ والتطور، ورغمَ أنّه تزوج خلال دراسته في الجامعة، وصار أبًا لطفلين مبكّرًا إلّا أنَّ حياته كانت غريبة ومنعزلة بشكلٍ غريب.
البداية كانت بإدمانه للمخدرات، ربما أنَّ فقدانه المبكّر لوالدته كان هو السبب، وربما لا، لكنَّ عزلته ونفسيته المتزعزعة أخذتاه إلى عالم الإدمان، ولأنّه طبيب استطاع الحصول على أقوى أنواع المخدرات وهو "المورفين"، سرعان ما فُضحَ أمره ليفصل من عمله ويُعاقب بغرامةٍ مالية. ورغم هذه الانتكاسة إلّا أنّه استطاع العودة من جديد، حيث التحق بأحد برامج علاج الإدمان ليعود إلى عمله كطبيب من جديد في نهاية السبعينات، وهذه المرة سنكون أمام طبيبٍ متزن، محترم في مجتمعه، موثوق لأبعد درجة.
عمل كطبيبٍ ممارس في مركز "دوني بروك" الطبي، في مقاطعة "هايد" في انجلترا، عمل لمدة 20 عامًا، ورغم كلّ ما كان يقترفه إلّا أنَّ أحدًا لم يكتشف أمره.
كان ينتقى المرضى الذين لهم أقل عدد من الأقارب، يحقنهم بالمورفين، يتلذذ بإدمانهم، ثم يقوم في النهاية بالإجهاز عليهم بجرعة قاتلة.
في نهاية التسعينيات، وتحديدًا عام 1998، لاحظ أحد عمّال المقابر أنَّ هنالك ارتفاع بعدد الموتى الذين يأتون لإعدادهم للدفن هم من مرضى "هارولد شيبمان". أبلغ هذا الرجل زميلةً للدكتور شيبمان، التي كانت لديها شكوكٌ مشابهة. أبلغت السلطات لكن دون جدوة، فلا أدلّة كافية على هذا الأمر حتّى وفاة كاثلين جراندي، المرأة البالغة من العمر واحد وثمانون عامًا، وكانت إحدى مريضات شيبمان. تمَّ فتحُ التحقيق، وشرّحت الجثّة وتبيّن أنّها حقنت بجرعةٍ قاتلة من المورفين.
اعتقل شيبمان، وفي التحقيق اعترف بقتلها، وتزوير وصيتها لصالحه. شيبمان لم يعترف بقتلها فقط وإنّما أيضًا بقتل خمسة عشر آخرين بغرض التلذذ فقط. ويُثبت فيما بعد أنّه مسؤول عن مقتل مئتين وخمسين شخصًا خلال أربع وعشرين عامًا قتلهم شيبمان يتلذذ بموتهم بمخدر المورفين.
حكمت عليه المحكمة بـ15 مؤبدًا من دون إمكانية إطلاق سراح، وفي عام 2004 عُثر على جثة هارولد شيبمان منتحرًا في زنزانته في أحد سجون إنجلترا شديدة الحراسة.