عند بعض الناس مقولة.. الألماس صديقُ الفتيات المفضّل. وإن سألتَ بعض الفتيات، ما رأيكِ في الألماس، فإنّها ستجيب، إنّه جميلٌ، جذّابٌ، برّاقٌ، إنّه رائع، لا أستطيع مقاومة سحره، نعم هذا صحيح.. لكنَّ الحقيقة، إنَّ الألماس، ليس إلَّا حجرًا كاربونيًّا تعرّض للحرارةِ العالية والضغطِ لمليارات السنين، ليتحوّل بفعلِ هذه الظروف إلى ما نسميّه اليوم "الألماس".
"الألماسُ" باحظُ الثمن، وغالٍ بشكلٍ كبير، وما تقدّم لا يجعل منه غاليًّا بهذا الشكل الكبير، فهناكَ حجارةٌ تعرّضت لعوامِلَ مشابهة، وهي أندرُ وأرخصُ بكثيرٍ من "الألماس"، ربّما يراودُكَ الفضول عن أسعار "الألماس" الذي يُباعُ في الأسواق العالمية اليوم.. إنَّ القيراط الواحد من "الألماس" يباعُ طبعًا بحسب نوعيّته، وجودته، ولونه ما بين الألفين والخمسة مئة إلى ثمانية عشر ألفَ دولار، طبعًا هذا في العموم، لكن ماذا إن قلنا لكَ أنَّ رجلًا اشترى لابته الصغيرة قِطعةَ ألماسٍ لونها أزرق من عيار 12,03 قيراط، اشتراها بـ ثماني وأربعين مليونًا وأربعمئة ألف دولار.. على أيّة حال، نحنُ متفقون على أنَّ سعر "الألماس" غالٍ، لكن لم نعرف بعد لماذا هو غالي؟
"الألماس" ليس نادرًا كما يعتقدُ البعض، طبعًا مقارنةً ببعض الحجارةِ الأخرى، والتي هي أرخصُ منه بعشرات المرّات، البعض يظِنُّ أنَّ عملية استخراج "الألماس"، وعملية قطعه وتجهيزه للبيع، الأمر الذي يتطلّبُ جهدًا وخبرةً، وأيضًا معدّات تكنولوجية متطوّرة، وما يجعلُ منه باهظ الثمن بهذا الشكل الكبير، ولكن إن كان هذا سببًا، إلَّا أنّه ليس نهائيًّا، إذًا ما هو السبب؟.. السبب باختصار، خُدعةٌ تسويقيّة كبيرة، نعم هذا صحيح.
منَ هم مافيا "الألماس"؟.. شركةِ "DE BEERS" للألماس.
تمَّ تأسيس شركةٍ "DE BEERS" في لندن عام 1888، وهي تعملُ اليوم في 35 دولةٍ حول العالم، وهي تسيطرُ على 80% إلى 85% من سوق توزيع الألماس الخام حول العالم، ما يجعلها قادرةً إلى اليوم على التحكمِ بأسعاره. بعد تأسيس الشركة، اكتُشفت عدّةُ مناجم في عدّة مناطق في العالم، فشلت الشركة بالاستحواز عليها، وكان ما يؤرقها حقيقةَ أنَّ الاكتشاف المتزايد للألماس في العالم، لربما يُغرق الأسواق، وبالتالي يُجبرُ الأسعار على النزول. كان الحل في أن تحدَّ الشركة من استخراج "الألماس"، وأن تبيعه بكميّاتٍ قليلة، وذلك سيكون كافيًا لاستقرار أسعاره، طبعًا الشركة استطاعت تنفيذ ذلك بصفتها المسيطرة على أكثر من 90% من سوق الألماس في العالم، لكن هذا لا يكفي فهي ترغبُ وتطمعُ بالمزيد من الانتاج والبيع، وهنا جاء الحلّ، أنجح حملةٍ إعلامية في القرن العشرين كلّه "الألماس للأبد". لتدفعها عدّةُ حملات أخرى كانت جدًّا ناجحة، واستطاعت صناعة نمطٍ اجماعيّ ثقافيّ جديد، كتلك الحملة الإعلامية المسماة "الخاتم الأبديّ" و"خاتم الماضي والحاضر والمستقبل"، و"خاتم اليد اليمنى"، وذلك فيه إشارةٌ للمرأة كرمزيّةٌ على استقلالها في حياتها، طبعًا الشركةُ استخدمت كلّ وسائل الإعلان المرئية والصوتية والمطبوعة بمزانياتٍ ضخمةٍ جدًّا، استطاعت من خلال ذلك صناعة نمطٍ اجتماعيّ يقضي على الرجل، مثلًا تقديم خاتمٍ من الألماس للمرأة التي يُحبّها عندما يرغبُ بطلب يدها للزواج. وهذا التقليد أصبح عالميًّا، خاصّةً في أوروبا وأميركا، وطبعًا كان من شأن هذه الحملات أن تزيدَ من وتيرة البيع للألماس، وبطبيعة الحال نهض ذلك بأسعار "الألماس" بشكلٍ مبالغٍ فيه.
ويبقى السؤال، إذا امتلكت المال، هل ستشتري لزوجتكَ خاتمًا من "الألماس"؟