هل تغير المناخ كارثة قد تكون قاضية على البشرية؟!

هناك قول أنَّ في كلّ سنةٍ عجيبة، لكن برأيكم ما عجيبة 2021، هل كانت جائحة كورونا؟.. لا، هذه كانت العام الذي قبله 2020. ما رأيكم بتغير المناخ الملحوظ في عام 2021، ومع بداية عام 2022 بدا ذلك جليًّا للجميع، فمن كان يصدّق أمطارٌ غزيرةٌ في منصف الصيف في السعودية أو حتّى ثلوجٌ في الاستكندرية أو منخفضٌ قطبيٌ يشتاح منطقة الهلال الخصيب بينما السماء مشمسةٌ ربيعيّةٌ في لندن.. إن كُنت في دهشةٍ من ما أقول، فنعم لكَ ذلك، فإنَّ هذا عجيبٌ غريب. وإجالستَ الى خبراء الأرصاد الجوية وعلماء المناخ، فسيقولون لكَ، إنّها فقط البداية في تغيّر المناخ، لكن ما هو تغير المناخ من الأساس؟

 

يُقصدُ بتغير المناخ التحولات طويلة الأجل بدرجات الحرارة وأنماط الطقس، قد تكون هذه التحولات طبيعية، فتحدث على سبيل المثال من خلال تغيرات في الدورة الشمسية. ولكن منذ القرن التاسع عشر أصبحت الأنشطة البشرية المسببة الرئيسة لتغير المناخ ويرجع ذلك أساسًا الى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز. انبعاثات الغزات الدفيئة تعملُ مثل غطاءٍ يلتفُ حول الكرة الأرضية مما يؤدي الى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة، من هذه الغازات ثاني أوكسيد الكربون والميثان، وكما تعرفون فهي غازات تنبعث من السيارات أو المحروقات المستخدمة في تدفئة المباني، أيضًا قطع الأشجار من الغابات يؤدي الى اطلاق ثاني أوكسيد الكربون ومدافن القمامة حيث مصدرًا رئيسًا لانبعثات الميثان، كذلك المصانع الكبيرة التي هي الأخرى من بين مصادر الانبعاث الرئيسية.

 

الانبعاثات مستمرّةٌ في الارتفاع، ونتيجةٌ لذلك أصبحت الكرة الأرضية أكثر دفئًا بقدار 1,1 درجة مئوية عمّا كانت عليه في أواخر القرن التاسع عشر، وكان العقد الماضي من 2011 الى 2020 الأكثر دفئًا على الإطلاق.

 

يعتقد الكثير من الناس أنَّ التغير المناخي يعني أساسًا إرتفاع درجات الحرارة، ولكنَّ ارتفاع درجة الحرارة ليست سوى بدايةٍ للقصة، ولأنَّ المناخ في الأرض نظام، حيث كلّ شيء متصل، فإنَّ التغيرات في منطقةٍ واحدة قد تؤدي الى تغيراتٍ في جميع المناطق الأخرى.

 

تشمل عواقب تغير المناخ من بين أمورٍ أخرى، الجفاف الشديد وندرة المياه والحرائق الشديدة، ارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات وذوبان الجليد القطبي والعواصف الكارثية وتدهور التنوع البيلوجي.. تتساءل ماذا يمكن أن يؤثرَ على حياتنا؟ نعم مؤثر وبشكلٍ كبير، فيمكن أن يؤثر التغير المناخي على صحتنا وقدرتنا على زراعة الأغذية والسكن والسلامة والعمل، فالبعض منا أكثر عرضةً لتغير المناخ، مثل الأشخاص الذين يعيشون في الجزر الصغيرة والبلدان النامية، هذا ملاحظٌ بشكلٍ كبير، فقد ساءت الظروف في بعض المناطق، فارتفع مستوى سطح البحر وتسلّلت المياه المالحة الى درجةٍ اضطرّت فيها مجتماعاتٌ بأكملها الى الانتقال. كما أنَّ فترات الجفاف الطويلة تُعرّض الناس لخطر المجاعة، والدراسات تفيدُ بأنّه من المتوقع أن يرتفع عدد اللاجئينَ بسبب المناخ.

 

في تقريرٍ أعدّته الأمم المتحدة عام 2018، أقرّ آلاف العلماء على أنَّ الحدَّ من ارتفاع درجة الحرارة العالمية الى ما لا يزيد عن 1,5 درجة مئوية سيساعدنا على تجنب أسوءِ التأثيرات المناخية والحفاظ على مناخٍ صالحٍ للعيش.

 

الانبعثات تأتي من مناطق مختلفة من العالم لكنَّ بعض البلدان تُنتج أكثر بكثير من غيرها، فالدول الصناعية الكبرى مسؤولة عن %68 من هذه الانبعاثات فيما لا ينتج باقي العالم مجتمعًا غير %32 من هذه الانبعثات، وأيضًا ما يُعرفُ بدول العالم النامية تُنتجُ أقل من %3 من هذه الانبعثات. ما رأيكم مَنْ الذي يجب أن يوجد حلًّا لهذه المشكلة بدرجةٍ أولى.. كردِ فعلٍ لهذه السؤال الصحيح أنَّ مجموعةً من الدول الصناعية تحرّكت بالفعل لمواجهة هذه المشكلة وأبرمت عدّة اتفاقياتٍ مثل الاتفاقية الاطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس، وخلُصت الى ضرورةِ خفض الانبعثات والتكيف مع تأثيرات المناخ ودعم مشاريع الطاقة المتجدّدة والتحوّلِ لها، وكّله في سبيل الوصول الى مستوى الصفر بحلول عام 2050، ومع ذلك يجب أن يتمّ خفض الانبعثات بحلول عام 2030 للحفاظِ على الاحترار بأقلَّ من واحد ونصف درجة مئوية، ويجب أن ينخفض انتاج الوقود الاحفوري بنسبة %6 تقريبًا سنويًّا خلال العقد من 2020 وحتّى 2030.. وتحت شعار يمكننا دفعُ الفاتورةِ الآن أو دفعُ ثمنٍ باهظٍ في المستقبل، كانت إحدى الخطوات الحاسمة في وفاء البلدان الصناعيةِ بالتزامها بتقدم مئة مليار دولار سنويًّا الى البلدان النامية حتّى تتمكن من التكيف والتّحرك نحو اقتصاداتٍ أكثر اخضرارًا كما يقولون.

 

ما رأيكم، هل هذا كافي لمواجهة الخطر المحدق بالكوكب؟، وماذا يمكن أن نعملَ كأفرادٍ وشعوب لمواجهة هذا الخطر؟.. شاركونا أفكاركم وتعليقاتكم ونحن سنتحدّثُ عنها في المرّات المقبلة.

 

أمّا في الختام، ننصحكم بالاستمتاع في مشاهدة الفيديو التعريفي الخاص بتغيّر المناخ، ولا تنسوا أن تشتركوا في قناتنا الجديدة على الـ "يوتيوب" وتفعيل جرس الإشعارات ليصلكم كل ما هو جديد.

أسعد البيطار

أنا أسعد البيطار.. صحفي من لبنان حاصل على بكالوريوس في فنون التواصل وأدرس حالياً الماجستير في التربية العربية.

Recent Posts

المرصد يجيب.. كيف حرّف الجهاديون نصوص ابن تيمية؟

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 20 إلى 26 مايو 2024…

5 months ago

في "خلينا نحكي Talk Time".. نتعرف على قصة حب ريم وعمار، وما هو سر نجاحهما على السوشيال ميديا؟

اكتشفوا في هذه المقابلة الممتعة بين ريم وعمار مع شيرو وشهد، حيث يروون قصة بداية حبهما…

5 months ago

في المرصد هذا الاسبوع.. المعارضة السورية الأكثر ابتهاجاً بمصرع الرئيس الإيراني

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 13 إلى 19 مايو 2024.…

5 months ago

نور وبانين ستارز.. أسئلة الجمهور المحرجة وأجوبة جريئة وصدمة النهاية في "خلينا نحكي Talk Time"

لقاء ممتع بين نور ستارز و بنين ستارز مع شيرو وشهد في هذه المقابلة المشوّقة في…

6 months ago

المرصد يجيب.. كيف يكون الحوثي "حصان طروادة" لإيران في حوض البحر الأحمر؟

في المرصد هذا الاسبوع: قائد عسكري طالباني في الشمال يعتزل احتجاجاً على التمييز العرقي. بعيداً…

6 months ago

في صحة وقمر.. قمر الطائي تحضر مقبلات وسلطات سعودية مع الشيف مهند زهير

في الحلقة العاشرة من برنامج صحة وقمر تجهز لنا قمر الطائي بعض المقبلات والسلطات السعودية المشهورة اسمها معدوس…

6 months ago