يميل كثيرون إلى معرفة ما تشير إليه أحلامهم خلال النوم، ويلجأ البعض إلى معبري الرؤيا لمحاولة فهم ما قد تحتويه تلك الأحلام من رسائل، وفي العالم كله يشتهر مفسرو الأحلام، ويلجأ إليهم كثيرون ممن يعتقد فيما يأولونه لهم، وفي عالمنا العربي ظهر معبرون للرؤيا كثيرون من أشهر ابن سيرين والنابلسي، كما قدم فرويد تفسيرًا نفسيًا وتحليلاً للأحلام، وكلها اجتهادات منها ما يصيب ومنها ما يخطي، لكن ذلك لم يمنع البعض في عالمنا العربي من الإيمان المطلق بتعبير الرؤيا متمسكين بحكاية النبي يوسف عليه السلام. فهل حقًا هناك إشارات يمكن فهمها من الأحلام؟
أشارت عالمة النفس الروسية الدكتورة داريا نيليدينسكايا أن الجميع في العالم بلا استثناء يسعى لفهم سبب حلمه وعواقبه ولو لمرة واحدة، ويلجأ في ذلك إلى كتب تفسير الأحلام، وأوضحت أن الأحلام تكون مستقبلية وملونة وكابوسية وغيرها من الصفات التي يطلقها البشر على الأحلام التي يرونها في المنام. ولكن لماذا ننسى الأحلام التي نعتقد أنها مهمة ومثيرة للاهتمام، في حين نتذكر تفاصيل الأحلام التافهة؟ تجيب الدكتورة نيليدينسكايا على ذلك بأننا إن كنا ننسى أحلامنا، فإن هذا قد يحصل لسببين: إما أن تكون مهارات الشخص البديهية وأحاسيسه ضعيفة التطور، أو أنه لا يثق بنفسه بنسبة 100٪. ومثل هذا الشخص لا علاقة له بنفسه. ومع ذلك لا داعي للقلق في هذا الأمر كثيرًا . لأنه ليس انحرافًا ، بل سمة شخصية، بحسب عالمة النفس.
توضح الدكتورة نيليدينسكايا أننا على الرغم من نومنا فإن عقلنا الباطن يستمر في عمله، أي أن رؤية الأحلام هي نوع من الإشارة أو التلميح، وصرحت: "يتكلم العقل الباطني معنا من خلال الأحلام. وتكون هذه المعلومات لكل إنسان شخصية تماما. فإذا شعر الشخص بعد الحلم الذي رآه بعدم الراحة، فانصحه بالعودة إلى نفسه ومحاولة معرفة ماذا يعني هذا الحلم له".
ولا تنصح الدكتورة باللجوء إلى كتب تفسير الأحلام لمعرفة ماذا تعنيه بعض الصور التي شاهدها الشخص في أحلامه. لأن لكل منا شخصيته، ولا نفهم بصورة مباشرة كل ما نراه في الحلم. لأنه ربما كانت الصور نوعا من العلامات أو التلميحات، أو التحذيرات. وبالنسبة للكوابيس، يجب ألا نحاول نسيان هذا الحلم بأي ثمن. لأنه في بعض الأحيان تعطي نتائج عكسية. وأضافت الدكتورة نيليدينسكايا حسب ما صرحت به خلال لقاء علمي أنه " لا داعي للتخلص من الحلم السلبي. لأنه عندما نحاول التخلص منه، فإننا على العكس ندفنه في داخلنا، وبالتالي فإن هذا الشيء السلبي يبدأ بنخرنا من الداخل. لذلك يجب العودة إلى النفس ومحاولة فهم لماذا نعاني من هذا الشعور، وماذا حصل وما هي الأحاسيس الحالية، وإلى ماذا تشير الـ "أنا" للشخص".