لا يزال العالم المتحضر يسعى للقضاء على ظاهرة العنف الأُسري، وتحاول الحكومات والمؤسسات الراعية للأسرة أن توفر أكبر قدر من الأمان الاجتماعي داخل حدود الأسرة، وهو ما حدا باتخاذها مجموعة من الإجراءات الوقائية، وسنَّ القوانين للحد من انتشار تلك الظاهرة السلبية، والقضاء عليها.
وتسعى فرنسا في إطار جهودها لمحاربة العنف الأسرة تطبيق تقنية السوار الإلكتروني للتعقب، وذلك لضمان منع الاقتراب لهؤلاء المدانيين بممارسة العنف الأسري، ويتوقع أن تبدأ في تنفيذ ذلك اعتبارًا من الجمعة القادمة، وذلك بوضع السوار الإلكتروني في كاحل المتهم، لتحديد موقعه، حتى إذا ما تخطى النطاق الجغرافي المحظور عليه، يطلق الجهاز إنذارًا، يكفل إبقاء الأزواج الحاليين أو السابقيين على مسافات آمنة بالنسبة لزوجاتهم، على أن تستخدم الضحية (الزوجة) نفس السوار لتحذيرها عند اقتراب الآخر.
كانت الحكومة الفرنسية على لسان وزارة العدل، استجابت في هذا الصدد لنداءات جمعيات أهلية كثيرة ومشاورات بينهما، بعدما أثبت هذا السوار فاعلية كبيرة في أسبانيا، وهو ما جعل الحكومة الفرنسية تؤكد على توافر السوار الإلكتروني اعتبارًا من يوم الجمعة في عدة مناطق، تمهيدًا لتطبيقه ونشره على كافة الأراضي الفرنسية بنهاية هذا العام، وقالت بأن الشخص المُدان سوف يتلقى اتصالاً من منظومة الإنذار بمجرد عبوره الحدّ الجغرافي، فإن لم يستجب للانذار، يتم إبلاغ الشرطة على الفور لتوقيفه.
هذا؛ وقد ساهم استخدام تلك التقنية في تجنب الكثير من الجرائم، خاصة فيما يتعلق بالعنف الأسري وجرائم قتل النساء، والتي كانت ارتفعت أعدادها بشكل لافت في فرنسا خلال 2019، وكان عدد الضحايا من النساء اللائي وافتهن المنية على يد أزواجهن أو ازواجهن السابقين قد بلغت 121 في عام 2018، وزادت إلى 146 في العام 2019، وهو ما يسرع ضرورة استخدام السوار الإلكتروني أملاً في خفض تلك المعدلات.
يُذكر أن العنف الأُسري يُعد واحدًا من أسوأ التصرفات التي تحدث خلال العلاقات الزوجية أو الأُسرية، وأكدت بعض الدراسات في بعض البلدان أن امرأة واحدة من بين ثلاث نساء تعرضت خلال حياتها لشكل من أشكال العنف الأسري. وهو ما جعل منظمة الصحة العالمية تحدد مفهوم العنف الأسري بأنه مجموعة من الأعمال القسرية الجنسيّة والنفسيّة والبدنيّة المستخدمة ضد النساء الراشدات والمراهقات من قبل الشركاء الحميميين أو السابقين من الذكور"، ومنه الاعتداء الجسدي (الضرب/ الركل/ العضّ/ الصفع/ الرمي بأشياء/ وغيرها)، والتهديد النفسي كالاعتداء الجنسي أو الاعتداء العاطفي، والسيطرة، والاستبداد والتخويف، والملاحقة أو المطاردة، كما يشمل الحرمان الاقتصادي ويتسع معناه ليشمل التعريض للخطر والإكراه على الجرائم والاختطاف والحبس غير القانوني والمضايقات، وأنه عادة ما يكون مصحوبًا بحالات إدمان الخمر أو الأمراض العقلية.