هي بخير يا صديقي، تعرف كيف تتجاوز الآلام وحدها، تجيد الكذب حتى في أسوأ حالاتها النفسية، تقول: "أنا بخير"..
صمتها لا يعني هدوءها لكنها مشغولة بضجيجٍ في رأسها لا يهدأ.. قد تظهر وكأنها تعاني من التردد.. هذا غير صحيح.. هي فقط تتخذ قرارًا وعكسه لأنها في معركة ما بين شيخوخة عقلها وطفولة قلبها.. تفكر.. تفكر طوال الوقت حتى في أتفه وأبسط الأشياء.. تفكر..
التفكير لعنتها الأبدية يا عزيزي.. صدقني.. انعزالها لم يكن برغبتها، هي في الأساس لا تحب الأماكن المظلمة، ولا تحب الوحدة، لكن في الفترة الأخيرة شعرت بأنها غريبة.. غريبة عن الجميع، لا أحد يشبهها.. لا أحد يفهمها.. وجدت نفسها وحيدة جدًا في كل شيء.. لكنها بخير.. تعلمت كيف تظهر بثبات حتى أمام أقسى المواقف التي تدفعها نحو السقوط.. لكنها لم تسقط.. وتدفعها نحو البكاء.. لكنها لم تبكِ.. ليس لأنها لا تبالي.. هي ما زالت تبالي.. وتتألم.. ما زال شبح "فقدان الأحباء" يفزعها ويطاردها.. لكنها أدركت مؤخرًا أن أكثر الناس قربًا لها ولقلبها، هم من يتعمدون اقتراف جرحها.. حتى رحلوا عنها.. مخطئ من ظن أن لا شيء يؤلمها..
تلك الطفلة بمشاعرها الجياشة اختارت أن تخفي أوجاعها وتكبح دموعها.. فلا تبوح بما يجول بخاطرها، أحيانًا تظهر بتعالٍ وغرور لكن لا أحد يعرف أن طريقتها تلك، ما هي إلا محاولة لتعويض خذلانٍ شعرت به بعدما ضحت وتنازلت عن كل شيء من أجل أشخاص لا يستحقون..
هي بخير.. لأنها لا تملك رفاهية السقوط والتعب.. هي بخير.. لأنها اعتادت التجاوز والتغافل، لأنها وحتى في أسوأ وأشد ظروف هشاشتها وضعفها وحزنها.. اعتادت أن تكذب وتقول "أنا بخير"..
بقلم: هبة فؤاد