من المرعب أن يُظهر لك هاتفك المحمول ما تفكر به على هيئةِ إعلانٍ ترويجي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكأنه قادرٌ على اختراق دهاليز الدماغ والتجول بها كما يحلو له، ليختار ما يُناسبك ويعرِضُه أمامك دون استحياء من انتهاك ملكيتك الفكرية..
قد يحدث أن تكون غارقًا في النوم وبلا أي سبب ترى حلمًا حول توظيفك في إحدى الشركات التجارية المعروفة، فسرعان ما تستيقظ وأنت في غايةِ الرجاء أن يتم قبولك حقًا، وتبدأ التساؤلات تدور في ذهنك حول طبيعة العمل داخلها ولمَ هي دونما سواها، كأي شخص يتوق للحصول على فرصة عمل وظيفية بعد طريق طويل من البحث، وظنًا منه أنها إشارة على تحقق ذلك قريبًا.
تحاول إكمال روتينك اليومي فتمسك بهاتفك لتتصفّح آخر المستجدات حول العالم، ولكن ما ستراه سيفاجئك حقًا ويتركك في حالةٍ من الذهول!
نعم، إنّها الشركة التي شاهدتها في الحلم ها هي تظهر أمامك على هيئة إعلان ترويجي في إحدى مواقع التواصل، قد يبدو هذا الأمر عاديًا ومبررًا إن تبادلت الحديث عن تلك الشركة على تطبيق الـ"واتساب" أو قمت باستعمال محرك البحث للحصول على المعلومات، أو أخبرت أحدهم حول ما حلمت به، حينها يمكننا أن نفترض بأن هاتفك الذكي استرق السمع وأراد تسهيل الأمور عليك. عنئذٍ لن تشعر بالريبة إن ظهرت أمامك تلك الإعلانات، خاصة أنه بات من المعروف أن الإنترنت يُظهر أمامنا كل ما يثير اهتمامنا.
ولكنك لم تقم بأي من الخطوات السابقة فكيف تجسس الهاتف على أفكارك؟
في عام ٢٠١٧ بدأ الحديث عن نجاح فريق من الباحثين في جامعة "تويوهاشي" للتكنولوجيا في اليابان، في تطوير نظام جديد قادر على التقاط أفكار الناس من خلال الموجات التي تصدرها أدمغتهم، وتحويل تلك الأفكار إلى نصوص مكتوبة، الأمر الذي يمكن اعتباره بداية لتطوير هواتف ذكية قادرة على قراءة الأفكار من حولها، وذلك بحسب تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي، ويبدو أنه قد تم استخدام هذه التكنولوجيا مؤخرًا لتضع كل ما يجول في فكرك بيد الإنترنت!
فلم تعد قراءة أفكار الإنسان إلكترونيًا عبر الأجهزة الذكية مجرد خيال علمي تتداوله الكتب، بل من الواضح أنه بدء بالتحول لحقيقة.
وهذا إن كان لديه جانب إيجابي من شأنه جعل الأمور أكثر بساطة وأقل تعقيدًا، إلا أن جوانبه السلبية تبقى مهيمنة وبغاية الخطورة، إذ لم يعد هناك ما يعرف بالملكية الفكرية وكل ما يجول في خاطرك أصبح عرضة للسرقة، أو للانتهاك أو حتى للبيع دون أي ثمنٍ يذكر..
بقلم: نغم ناهل شلق