استضافت الإعلامية ديانا فاخوري في حلقة هذا الأسبوع من برنامج "نون" ضيفتين كانتا في حياتهما مثالاً يحتذي، وقدوة لكل النساء في كافة القطاعات، أثبتتا أن المرأة بإمكانها النجاح متى توافرت لها الأسباب، بل إنها لا تتساوى مع الرجل في ذلك، إنما تتفوق عليه بشهادة الإنجازات التي تحققها المرأة في كل قطاعات العمل التي ولجت إليها، لتترك بصمتها ناصعة على الحياة منبرًا لهداية غيرها من نساء كثيرات تلهمهن مثل هذه التجارب الرائعة والفريدة كتجربة الفنانة كارلا بطرس والإعلامية هدى شديد، ضيفتا الحلقة لهذا الأسبوع.
في الفقرة الأولى؛
بدأت ديانا فخوري التعريف بموضوع الحلقة وضيفتيها، وهما من البطلات اللائي تخطين الصعاب وتحدين الظروف كبطلات ورائدات في المجتمع النسوي كله. وعرَّفت فاخوري بالفنانة كارلا بطرس ووالدها الإعلامي الدكتور لبيب بطرس؛ المذيع والمعلق لسنوات طويلة بلبنان، وبداياتها كعارضة أزياء في الثمانينيات وحصولها على لقب أفضل عارضة لعام 1990، ثم عملها بالتلفزيون، وخلال التقديم أكدت بطرس أن عام 1986 كان فارقًا في حياتها لدخول هذا القطاع الفني من خلال تلفزيون لبنان وعالم الأزياء والغناء خلال فترة الدراسة، وفيما بعد زواجها تعرضت وأسرتها لحادث سيارة فقدت فيه زوجها، مما وضعها في موقف لا تُحسد عليه، فقررت ألا توقف مسيرتها وحياتها وأن تواجه كل الصعوبات.
تحدثت كارلا بطرس في البداية عن قناعتها أنها لم تكن المرأة الوحيدة في الكون التي يحدث لها مثل ذلك، مؤكدة أن إيمانها وصلابتها كعربية جعلتها تتلقى كل المصائب بشكل إيجابي، خاصة أنها كانت وقتها أم لأطفال صغار وعليها أن تواجه ذلك بقوة وصلابة رغم انهيار كل من حولها، ولذلك وجب ألا تكون ضعيفة، إذ أدركت أن وقوعها سيتسبب في وقوع العائلتين، عائلتها وعائلة زوجها، وأكدت أن سنوات الحرب أنضجت المرأة اللبنانية كثيرًا، والتي خرجت منها قوية وأكثر صلابة.
وتحدثت الإعلامية هدى شديد، والتي عملت بالإعلام لسنوات طويلة، جعلها تضع خبرتها في الحياة في كتابها "ليس بالدواء وحده"، خاصة بعد معاناتها وتجربتها الخاصة مع مرض السرطان، والتي استطاعت أن تنتصر عليه. قالت إنها مرات كثيرة كانت تصحو من نومها وتقول لنفسها "أنت صحيحة، أنت شُفيت من السرطان"، وأضافت أن كتابها كان بمثابة المكان الذي بكت فيه وأخرجت فيه غضبها، وحواراتها مع ربها، خاصة أن زوجها كذلك مات على إثر الإصابة بالسرطان، ولذلك قررت أن تنتقم من هذا المرض بالانتصار عليه، وأوضحت كيف كانت هذه المرحلة التي بلغت قرابة عام هي التي جعلتها أكثر صلابة، وحكت عن تأجل إجراء عملية جراحية قبل الدخول للعمليات بقليل، وهو ما تصفه معجزة طبية، إلا أنها أكدت على تحديها وإصرارها مع طبيبها عبر بها نحو النجاة، مؤكدة على أن روح زوجها لازمتها طوال الوقت.
وأردفت كارلا أن الاستمرار بالعمل كان جبرًا عليها وإلا توقفت الحياة، وأنها يتوجب عليها ترميم خارجها وداخلها، بغض النظر عن وظيفتها، وعليها النهوض مع عائلتها، وبالنسبة لها كانت المشكلة أكبر، لأنها تحت الشهرة، لذلك كان عليها الانتباه لخارجها وداخلها.
وفي الفقرة الثانية؛
تابعت فاخوري مع ضيفتيها، وحدثتها هدى شديد عن قرارها بعدم الزواج، لكنها طبيعيًا عوضت ما اعتبرته فشلاً بحياتها فهي بلا زوج أو أطفال، ولا تملك عائلة، إلا أنها أحبت حريتها كثيرًا رغم رغبتها الشديدة في أن تكون أم وعبرت عن ندمها على ذلك، إلا أن حريتها ونجاحها عوضت كل شيء.
وتحدثت كارلا بطرس عن أن السينما والدراما من شأنها أن تعزز دور المرأة، خاصة أنه يمكن أن تمرر رسائل قوية للمجتمع حول النساء القويات الواعيات، بعيدًا عن الوعظ، وأكدت أنها دائمًا تحرص على ذلك، وذكرت عن أهم أدوارها حين لعبت دور "فتاة ليل" ضحت بروحها لأجل توفير المال لعملية جراحية تنقذ حياة طفلة جارتها، وحتى لو لم يتقبل المجتمع العربي تلك النماذج، لكن لا بُدَّ من عرض تلك المشكلات، ليراها المشاهد بنفسه، وهو ما جعل الجمهور يتساءل. وتداخلت هدى شديد حول الدور الذي استشهدت به كارلا، مؤكدة أن المرأة العاملة تعاني من دون خيار أمامها، ومن دون أن يدرك المجتمع معاناة المرأة العاملة مع أسرتها، لكن ذلك لا يثنيها عن دعم استقلالية المرأة وحريتها، وأكدت على ضرورة وجود الرجل المتفهم لعمل المرأة حتى تستقيم الحياة.
وعادت كارلا تؤكد على صعوبة الحياة تحت تلك الضغوط، لكن مع وجود الوعي والشرح لمن حولك يمكن أن تصبح المرأة أكثر قوة، بل ويستوعب أولادها ذلك وينعكس عليهم، وهو ما يحدث بالمتابعة الكاملة لأولادهم حتى لو كان من خلال السوشيال ميديا، لأن ذلك يطمئن المرأة مع أولادها. وحول التفكير في الخروج من لبنان بعد انفجار بيروت، أكدت على ضرورة الانتباه لما يدور على السوشيال ميديا، وأن المشاهير عليهم مسؤولية الإدراك لكونهم قدوة، لأنهم بذلك ربما يسببون الأذى للبعض، وهو ما وافقت عليه هدى شديد وزادت أنه يجب علينا أن ننتبه إلى أن معاركنا على السوشيال ميديا، وأنه يجب التوقف عنها، وعلينا احترام الآخرين وألا نرى بعين واحدة، مع ضرورة الرصانة في حياتنا، فلا يجب أن نعكس إحباطنا للآخرين.
وفي الفقرة الأخيرة؛
تحدثت كارلا بطرس حول دخول المشاهير للمجال السياسي، وأنها ليست ضد ذلك، لكن شرط ألا يبيع المرء نفسه لأجل ذلك، والأهم في ذلك هو الصدق وعدم التجريح في الآخرين، خاصة حين يكون المرء على غير دراية بالعمل السياسي ولا يمتلك خبرة، وأكدت أنها رغم وطنيتها لكنها لا تريد العمل بالسياسة، ويجب ألا يتصدى للسياسة غير السياسيين، وأشارت إلى الوضع اللبناني وما يعانيه من فساد خاصة خلال أزمة كورونا، وأشادت بوزير الصحة والطواقم الطبية وما تقوم به، وهو ما يجب أن يقابله وعي كبير لدى الجماهير، مع الانضباط والمراقبة في كامل البلاد.
بينما تحدثت هدى شديد عن ضرورة الاعتراف بالفشل إن كنا مسؤولين، وأن نترك المكان لغيرنا ممن يمكنه أن يعالج الأمور بشكل أفضل، وضرورة أن يتخلى السياسيون عن التمسك بالمناصب، حتى لا تظل البلاد في دوامة لا تنتهي، وأنه ينبغي على العاملين في السلطة إن لم ينجحوا، التقدم بالاستقالة وترك المكان لغيرهم من المتخصصين، وأن يتم إعلاء الوطن فوق المصلحة الشخصية، محذرة من ظهور وجوه لا تملك الخبرة. وحول الحكومة الجديدة ووجود 6 نساء داخلها، رغم ذلك، اعتبرتها محرقة ومع أول أزمة كانفجار بيروت تم التضحية بالحكومة. وأكدت أن المرأة في الشأن العام لديها صبر أكبر وأثبتت كياسة، وأثبتت أنها يمكنها العمل في بيتها وفي عملها، وأنها لا تمانع وجود رئيسة للدولة، وهو ما دعمته كارلا التي أكدت أن المرأة يكفيها أنها لا تفكر في الحرب.
ونصحت كارلا بطرس المرأة النساء أن تكون نصف رجل بالمعنى الإيجابي لضمان النجاح، وأن تكون مثقفة صلبة لا مدللة وأن تكون المرأة أكثر اعتمادًا على نفسها لبناء كيانها لأن الرجل يكمل المرأة عاطفيًا، لكنه لا يبني المرأة، وإن لم تنتبه لذلك سوف تنهار حياتها. وعادت هدى شديد تؤكد على أن المرأة اللبنانية التي مرت بتجارب خاصة كالحرب والفقر والأزمات، جعل المرأة اللبنانية قوية وصلبة، وعلى المرأة أن تعرف أن المرأة الضعيفة تسبقها الحياة دائمًا، وعلى المرأة أن تستمر تقاتل بشخصيتها وفكرها وعلمها وعملها، لتثبت نفسها مهما كانت التجارب قاسية. وأشارت كارلا إلى المرأة الخليجية التي صارت في مكانة رائعة تستحق التهنئة على ما وصلت إليه خاصة في السعودية والإمارات العربية حتى لو تأخر ذلك إلا أنه دليل على بطولة المرأة العربية.