تلفزيون الآن

قدمت الإعلامية دينا فاخور حلقة هذا الأسبوع من برنامج نون، حول انسداد الأفق السياسي في لبنان، ودخول البلاد في نفق مظلم بعد جملة التطورات التي شهدتها الساحة اللبنانية، وعدم تأليف حكومة تعالج الأزمات الراهنة، لاسيما بعد فشل المبادرة الفرنسية، إذ لم يلتزم السياسيون اللبنانيون بوعودهم أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار لبنان مرتين بعد تفجير مرفأ بيروت.

حول تعقد الأوضاع السياسية وإنسداد الطرق بعد تخلف السياسيين عن وعودهم للرئيس الفرنسي ماكرون بحل الأزمة، وماذا ينتظر لبنان خلال تلك الفترة المظلمة؟ دارت الحلقة التي استضافت الأستاذة المحاضرة في الجامعة اللبنانية الدكتورة سابين الكيك، والباحثة في القانون المصرفي والمسؤولة في موقع "النهار" الصحافية ديانا سكيني، لمناقشة الأوضاع السياسية اللبنانية التي اتجهت إلى نفق مظلم.

في الجزء الأول من الحلقة؛

تحدثت الصحافية "ديانا سكيني" عن أسفها للوضع الذي فشلت على إثره المبادرة الفرنسية وكيف تعامل السياسيون مع ذلك، متجاوزين ما حدث في مرفأ بيروت، وما تبع ذلك من صراعات محاور. وكيف برر الأطراف المتهمون بالانسداد أنهم متمسكون بالنظام، دون الانتباه لتلك الحظة الواقعية في تاريخ لبنان والتي بدت سوداء. وكانت سكيني غير متفائلة بالمرة وأكدت أن المشهد اللبناني يذهب إلى مزيد من الانسداد والسوداوية، وذلك بتدخلات إيرانية وأمريكية، وهو ما يفضي بتفاقم الأمور والمشكلات والتي تحيط بالشعب اللبناني، وكلها تساعد على خلق خلايا إرهابية نائمة تأخذها إيران إلى مزيد من السوداوية.

وتحدثت الدكتورة "سابين الكيك" عن الوضع الاقتصادي المأزوم للغاية في لبنان والذي يرتبط بشكل طبيعي بالوضع السياسي المعقد الراهن بما يضر بالمشهد الاقتصادي والمصرفي خاصة بعد التسريبات الأخيرة، وسط تغافل تام من الساسة اللبنانيين وكأن شيئًا لا يحدث، مكررين نفس الأخطاء الماضية وكأن لا علاقة لهم بما هو راهن في المشهد اللبناني كله وسط تكرار المجتمع الدولي لهم "لا ثقة". وأضافت أن كل تلك الأمور ولدت شعورًا قويًا بالإحباط لدى المواطن اللبناني الصامت عن هذا الفساد، لكنه اليوم فقد دوره كمواطن بالبلد وفقد طموحاته على المستوى الشخصي، مما يدفع به نحو مزيد من التفكير في هجرة ذات اتجاه واحد وبلا عودة، بعد فقد الأمل في الإصلاح في كل قطاع خاصة الوضع المصرفي والمالي.

وأجابت الكيك حول سؤال دينا فاخور حول إن كانت مبادرة ماكرون وفرنسا فشلت، أجابت أنها للأسف فشلت بعد تكريس الحقيبة المالية للطائفة الشيعية، وهذا الفشل يدق جرس الإنذار للمستثمرين بالابتعاد عن الاقتصاد اللبناني.

وفي الجزء الثاني؛

تابعت دكتورة سابين وأكدت أن فشل المبادرة الفرنسية، نفهم منه أن الاستثمارات ستهرب من لبنان، حتى ولو وجدت المعونات، وقالت: "نحن اليوم لا نتحدث عن استثمارات بل مساعدات" مشروطة بإصلاحات في قطاع الكهرباء والتحقيق الجنائي، لكن مع غياب تشكيل الحكومة وملف الكهرباء ستتوقف كل المفاوضات ويزيد هروب الاستثمارات وسط مؤشرات منخفضة جدًا للاحتياطي اللبناني، وهو ما سيدعو إلى رفع الدعم عن كثير من السلع، وسط عمليات تهريب واسعة يستنكرها المجتمع الدولي، وهو ما يعرقل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وأكدت الصحافية دينا سكيني أن لبنان سيبقى معزولاً عن أشقائه العرب وسيصعب الاستفادة من المساعدات الدولية وتتعقد مفاوضات صندوق النقد، إذا ظل الصراع بالشكل الحالي، ما لم يتم التوصل إلى حل خاصة في ظل وجود الدور الخليجي والأمريكي والإيراني، وأكدت أن الصورة بالشارع وقصص الناس صورة سوداوية للغاية، إلا أنها قصص صمود تعطي الأمل في إعادة تسوية للوضع اللبناني ويصير الرهان على لحظة نضوج عند كل تلك القوى السياسية، وأكدت أن المشكلة ليست مشكلة السلاح فقط، إنما هناك مشاكل التنمية والحوكمة والفساد.

وأوضحت دكتورة سابين أن المواطن اللبناني مع الأزمة المصرفية، والأزمات المتشعبة، لم يترك له السياسيون منفذًا للخروج من الأزمة، وأكدت على أن مشهد لبنان القديم "راح"، وأن لبنان اليوم في مرحلة مخاض جديدة، والخيار هنا للمواطن اللبناني وحده حتى يتم التوافق السياسي. وهو ما يضع على اللبنانيين مسؤولية للخروج من تلك الأزمة، وأن عليه مراقبة الملفات من قبل المجتمع المدني، فقد دفع المواطن اللبناني ثمن كل ذلك الفساد السياسي، وما دام المواطن سيتحمل عبء ذلك فعليه أن يكون شريكًا بالقرار وأكثر فاعلية.

في الجزء الأخير من الحلقة؛

تحدثت الحلقة عن الحالة الأمنية  كأحد التداعيات للأزمة اللبنانية، وفي ذلك قالت سكيني بأن لبنان عاني من الخلايا الإرهابية، والآن بدأت تُطل من جديد لتوظف للتدخل في الشان اللبناني، فهناك أكثر من طرف مجاور للبنان من مصلحته تخريب الأمن داخل لبنان، ولا يتوقف التهديد الأمني على ذلك التشدد الديني، وإنما يجب الانتباه إلى التحذيرات حول تكديس الأسلحة وتخزينها وما يمكن أن ينتج عنه من انفجارات. وأضافت سكيني أن الحالمين في لبنان يحلمون بتحديد سلطة الطوائف في لبنان، وبدأنا نسمع دعوات للشحن الطائفي بالتزامن مع الوضع الأمني، وهو ما يعيد ذكريات سوداء للبنانيين. وهذا الوضع الأسود يقابله تفاؤل عريض لقطاع عريض من الشعب اللبناني.

وذكرت دكتورة سابين أن الالتزمات الدولية المالية تجاه لبنان ربما تتوقف، لكن المساعدات ستصل إلى المؤسسات الخاصة، وأن مبادرة ماكرون سوف تستمر لكن في اتجاه المجتمع المدني وكذلك المبادرات من الدول الصديقة، وذلك لانعدام الثقة في تلك السلطة السياسية. وعن السندات والقروض أكدت أن ذلك يضع لبنان في وضع صعب للغاية، وتخوفت سابين من وجود "صناديق انتهازية" لشراء الديون اللبنانية، وهو ما يجعل لبنان في أمس الحاجة لعمل مفاوضات مع صندوق النقد لضمان وقف تنفيذ أي مسار قضائي فيدرالي ضد لبنان، وهذا ما يجعلنا نؤكد ارتباط المسار المالي بالمسار السياسي.

وختمت الكيك بأن كل ما يتعلق بالعقوبات يأتي بالأساس من الولايات المتحدة، وهنا لا بد من ربط ذلك بنفاذ صبر فرنسا فيما يخص تشكيل الحكومة، وللأسف حتى اللحظة لا يوجد تبلور للأفق، فيبدو مسدودًا، ووجهت الكيك التحية للشعب اللبناني الصامد الذي تحمل كل هذا الفساد الذي يدمر لبنان.