يحلم الجميع بغدٍ أفضل، ويسعى كلٔ نحو حلمه، إلا أن الأحلام مهما قدمت لنا لا يمكنها أن تعوضنا دفء الوطن وحبه. تناقش دينا فاخوري في هذه الحلقة قضية الهجرة من وجهة نظر شابات لبنانيات داخل وخارج الوطن اللبناني، والبحث عن إجابة سؤال يدور حول أسباب الهجرة والخروج من لبنان، والتي تضطر كثيرين أحيانًا إلى الخروج من لبنان، هربًا من واقعهم الذي أصبح مزعجًا، ففي لبنان تسجل الأرقام قرابة 43 ألف 674 مهاجرًا سجلتهم الدولية للمعلومات بما يعادل 2973 مهاجرًا يوميًا خلال أيام تالية لتاريخ الرابع من آب (أغسطس) الماضي بعد أن كان 2925، قبل هذا التاريخ، لتعكس الأرقام حجم الغضب الذي سيطر على اللبنانيين خاصة الشباب، بعد تفجير المرفأ، وبحثًا عن حياة أفضل، بعد الوضع السياسي والاقتصادي المتأزم وفقدان كثيرين لوظائفهم، واندلاع احتجاجات شعبية تصرخ بتحسين الأوضاع أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، غادر على أثرها كثيرون، بينما ظلت ثُلة تتمسك بأمل تحسن الأوضاع.
استضافت حلقة نون داخل الاستديو ملكة جمال لبنان السابقة 2007، نادين وليسون نجيم (الناشطة الاجتماعية والممثلة)، وميرامار مقداد (لاعبة منتخب لبنان لكرة السلة)، وعبر تقنية الإسكاي بي استضاف البرنامج إنجي قصابية أ(خصائية التغذية العالمية) من مهجرها ببلغاريا، وليديا صابرا (ناشطة اجتماعية) من كندا. ورحبت فاخوري بالضيفات لتبدأ نقاشات الحلقة حول هجرة اللبنانيين الملفتة.
وفي الجزء الأول؛ قالت نادين نجيم أنها بحكم عملها في مجال (الآي تي والتسويق عبر السوشيال ميديا) كانت الفرص كثيرة للهجرة، لكنها قررت البقاء العودة والبقاء، وراحت نجيم تأصل للمشكلة بشكل عام، وكيف تربى اللبنانيون على نظرية المؤامرة، وأن هناك قوى تدفعهم نحو الهجرة، لتتأكد أن هناك بالفعل مؤامرة حقيقية على لبنان كلها، مما دفعها في الثانية والثلاثين إلى مغادرة لبنان، وقالت بأنها لذلك الوضع تتفهم هجرة اللبنانيين، لكن عادت وأكدت أنه لا مفر من العودة لتعمير لبنان، واستعدادها لذلك لأجل التغيير المنشود، ولكن إذا قرر الجميع لحظتها الخروج من البنان، فمن سيبقى في لحظات التغيير الكبرى الحاسمة في تاريخ البلد.
وتحدثت ميرامار مقداد، حول سفرها إلى اليونان ثم عودتها، وأنه رغم ما يحققه فريق منتخب كرة السلة النسائي من إنجازات، إلا أنها قررت الخروج من جديد نحو مصر، معللة ذلك بأنها لا تشعر بأن هناك أي دعم لأجل النساء اللبنانيات مثل الرجال، كما أن الوضع ازداد صعوبة مع كوفيد 19، في حين أنها وكل زميلاتها مضطرات إلى العمل نهارًا والتدريبات ليلاً للحفاظ على مستواهن الكروي، وهو ما يشير إلى وجود مشكلة جندرية في لبنان بشكل عام، خاصة أنه تنخفض مدخولات الشابات والمرأة بشكل غير عادل مقارنة بما تحققه من إنجاز مع مدخولات الشباب والرجال بلبنان، وهو ما زاد بعد كورونا، فاضطرها إلى الهجرة نحو مصر للبقاء على حياة كريمة تضمن لها أن تمارس لعبتها المفضلة منذ الطفولة وأن تعيش في أمان اجتماعي ومادي.
وعادت نجيم لترد سؤال دينا فاخوري عن الأسرة والأولاد ومستقبلهم في المهجر، فأكدت ملكة جمال لبنان السابقة، أنها معنية الآن بالوطن وبالتغيير الحقيقي، وأنها مستعدة للبقاء في لبنان إذا ما اجتمعت نيات الصادقين المؤمنين بقضية الوطن وضرورة التغيير، وقالت نجيم بأنها إذا تركت تعلقها بهذا الوطن؛ خسرت شيئًا عظيمًا داخلها لا تستقيم حياتها بدونه، وأنها لن تفقد الأمل أبدًا في وطنها، رغم خشيتها أن يُنتزع منها ذلك الأمل انتزاعًا، ولحظتها ستترك الوطن وسؤال كبير داخلها؛ (لماذا صار الوضع هكذا معي ومع كثيرين مثلي ممن يأملون في هذا البلد؟)، وأكدت خوفها أن يتملكها شعور بالكراهية تجاه كل من وقف في وجه التغيير المأمول، فلحظتها ستترك الوطن.
وعادت نجيم تجيب سؤالاً لفاخوري بأن التغيير منوط بمقاعد النيابيين في لبنان، وأن يفهموا أن أي تغيير مرهون بهذا الشعب وقوته ووعيه السياسي، وهو ما أكدته زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الأخيرة لبيروت، فلا مفر من جلوس الجميع إلى طاولة واحدة والتفاوض لأجل هذا الوطن الذي يطمح أن يرى وجوهًا نيابية يثق فيها، وإلا انكب الجميع على الطائفية وزاد الاحتقان.
في الجزء الثاني من الحلقة، تحدثت إنجي قصابية (عبر إسكايب من بلغاريا) عن تراجعها عن قرار العودة إلى لبنان بعد الرابع من أغسطس، وعللت بمسؤولياتها تجاه طفلها، وأنها كانت قد قررت العودة إلى لبنان، لكن تأجلت بسبب كورونا، ثم حدث هذا الانهيار السياسي والاقتصادي وما كان من أحداث جسام انتهت بانفجار المرفأ، فاضطرت إلى البقاء في بلغاريا. وأكدت أن الشعب اللبناني كله يطمح في التغيير كثيرًا، لكنها أكدت أن هناك شعورًا عامًا لدى اللبنانيين بانعدام المسئولية، وأن تلك المسئولية على كتف الجميع من نيابيين وشعب، وأكدت على مشكلة الدولار والتعامل به داخل لبنان، مستغربة ذلك ومتسائلة لماذا لجأ اللبنانيون إلى الدولار وتركوا عملتهم الوطنية؟
وحول سؤال دينا فاخوري لها عن أسباب هجرتها رغم نجاحها في بلدها، وإن كانت ضحت بالعودة إلى بلبنان من أجل طفلها، فأجابت بتأثر بالغ بأن لا أحد مثلها يمكن أن يضحي بلبنان، وربما لأن عملها بدأ وتوسع خارج لبنان من البداية. ثُم عادت لتؤكد أن الجميع لا طريق أمامهم إلا التضحيات لأجل لبنان، وقالت (أنا جسدي فقط ترك لبنان، لكني لم أترك لبنان)، وأكدت أنه على الجميع التخلي عن مطامعهم الشخصية. ثُم أجابت عن دعمها لبلدها أنه يجيء من خلال شركتها في لبنان، إذ لم تخفض رواتب الموظفين، وظلت رواتبهم مماثلة للوظائف المماثلة في أوربا، مؤكدة على أن لبنان تملك عقول وخبرات واعدة يجب العمل عليها، وبعثت برسالة أخيرة إلى السياسيين في لبنان، بأن لبنان بلد الجميع، وأن كل ما يحدث في لبنان سيؤثر حتمًا على ذويهم وأصدقائهم.
تابعت فاخوري بالحديث عن مشكلة لبنانية جديدة وهي هجرة العقول اللبنانية، وهو ما أكدته ملكة الجمال اللبناني نجيم، وأن العالم كله يتسارع لأجل الحصول على هؤلاء العقلاء، وأن لبنان تفقد بذلك ثروة هي أعظم ثروات الوطن، فولاهم ما قامت الحضارات، وتلك مشكلة لبنان الأكبر.
وسألت فاخوري إن كانت لبنان تحولت إلى مقبرة للشباب؟، فأجابتها نادين نجيم بأن لبنان الآن أصبحت –للأسف كذلك- وراحت تحكي واقعة لواحدة من صديقاتها وما حدث معها وكيف انتهت إلى الإحباط خاصة بعد الاصطدام بالجندرية في لبنان في تساؤل كيف يكون المسؤول عن فريق الشابات رجل؟!
تابعت الحلقة في الجزء الأخير؛ النقاش حول الهجرة من لبنان وأسبابها، وطوفت بكثير من القضايا اللبنانية التي دفعت بتوحش ظاهرة الهجرة اللبنانية مستضيفة من كندا ليديا صابرا، والتي قالت بأن انعدام الأمان في لبنان كان دافعها الأكبر لعدم العودة، رغم أنها تفكر يوميًا في العودة إلى لبنان يحدوها أمل الرجوع والحياة الآمنة بلبنان
وتابعت النقاش مع الضيفتين في الاستديو حول أملهما في العودة إلى لبنان وتغيير الحالة السياسية والاقتصادية. وأكدت نادين نجيم أنه يجب ألا ننسى العودة وأن يكون الجميع مستعدين لأجل العودة، والتي لن تتم إلا بعمل الجميع والنجاح داخل وخارج الوطن اللبناني.